متحف الشندغة «بيت ملتقى التواصل» "9"

يمثل «متحف الشندغة» حالة فريدة في عالم المتاحف، إذ هو في الواقع يمثل 22 متحفاً في واحد.

وهذه المتاحف الداخلية، التي يطلق عليها بيوت الشندغة، تجعل من «متحف الشندغة» حياً متحفياً متكاملاً. ومن اللافت أن كل بيت - متحف، من هذه البيوت، يتخصص بعنوان من عناوين الحياة في دبي، ويعرض جانباً من جوانب تراثها الثري، ويعرف بتقاليد الحياة والعمل والتجارة والصناعات المحلية، بطريقة فريدة.

يبرز «بيت ملتقى التواصل»، وهو مبنى يتألف من طابق واحد، كان داراً للضيافة تم بناؤه في أربعينيات القرن العشرين، بناه الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، رحمه الله، الذي كان حاكماً لدبي (1912 - 1958)، ومن يدخل هذا البيت الذي يتكون من برج هوائي (بارجيل) والذي كان يحافظ على برودة الجو بداخله، خاصة أثناء فصل الصيف، كان هذا البرج الأكبر مساحة في دبي كلها.

البيت كان ملتقى للتواصل، حيث استضاف الحاكم الضيوف القادمين إلى دبي من بلدان مجاورة، مثل عُمان والبحرين، أو أولئك القادمين من وجهاتٍ أبعد، يمكثون هنا كضيوف في الغرف المحيطة بالفناء الرئيسي.

عُرفَ هذا البيت قديماً بـ«المرمس» من الرمسة، ورمس أو يرمس في اللهجة المحلية أي يتحدث ويتحاور، لذا كان المعنى من هذا البيت هو أن يكون مكاناً للحوار، وبالتالي تم تسميته كملتقى للتواصل، مما يعزز مكانته التاريخية كمساحة للقاء الناس في رحاب الضيافة.

ولطالما كانت دبي مكاناً يلتقي فيه الناس، فهناك أهل المدينة والمسافرون والتجار الوافدون، من الذين اجتمعوا هنا، فكانوا في صحبة بعضهم البعض يتبادلون الثقافات ويشاركون الخبرات، مما أسس نسيجاً مجتمعياً متيناً راسخاً إلى يومنا هذا، بين التجار المحليين وبين تجار المدن الأخرى البعيدة والقريبة، وكذلك علماء الدين والأطباء والدبلوماسيين.

هذا البيت في الشندغة يعد ذاكرة حتى للبيوت الأخرى في الإمارة، حيث حظي القادمون في بيوتهم بكرم الضيافة المحلية، ورحب أهالي دبي بهم واستقبلوهم في بيوتهم ومجالسهم، ليتجسد هذا التقليد هنا كملتقى للتواصل، لذا تعد هذه المساحة التي تغنى بها أهل دبي وبكل ما حملوه من ضيافة وكرم وإيجابية وأفكار بناءة وطموحات بالنهضة والازدهار. ونرى اليوم كيف بقيت هذه القاعة، وعكست الرسالة الأساسية لمتحف الشندغة الذي يحث على الكرم والاستقبال، والتعاون وتبادل المعرفة وطلب التجارة والعلم، وحسن الاستقبال، وما زالت دبي كذلك.