متحف الشندغة.. «بيت العطور» رحلة مع عبير التراث "5"

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل «متحف الشندغة» حالة فريدة في عالم المتاحف، إذ هو في الواقع يمثل 22 متحفاً في واحد. وهذه المتاحف الداخلية، التي يطلق عليها بيوت الشندغة، تجعل من «متحف الشندغة» حياً متحفياً متكاملاً. ومن اللافت أن كل بيت - متحف، من هذه البيوت، يتخصص بعنوان من عناوين الحياة في دبي، ويعرض جانباً من جوانب تراثها الثري، ويعرف بتقاليد الحياة والعمل والتجارة والصناعات المحلية، بطريقة فريدة.

في هذا السياق، يبرز «بيت العطور»، باعتباره المتحف الذي يتخصص بالعطور وأسرارها النادرة، وظروف صناعتها وتجارتها وطرق استخدامها، كما يؤرخ لطرق التجارة والبلدان التي أثرت وتأثرت بها.

يبدأ «بيت العطور» بعرض المكونات الطبيعية من جذورها، ويسمح للزائر بتنسم عبير المكونات العطرية المعروضة، خاصة الخلطات الإماراتية التقليدية، للتعريف بجودة وخصائص كل نوع، وطبيعة الرائحة.

وهنا، يحتل «العود» مكانة متميزة، حيث يعرف «بيت العطور» بمقدار التولة ومقياسه، وما يعادله بالمليمتر، وكمية استخدام خشب العود فيه بالطريقة الإماراتية التقليدية. وكذلك عمليات إنتاجه، من خلال مقاطع قصيرة متحركة، تتيح مشاهدة الطريقة التي تُحصد بها الأشجار، وكيف تُجهز كسرات العود، وكيف يتم تقطير دهنها بالبخار، وكيف يصنع مسحوق العود، الذي يضاف إلى خلطات الدهون.

خصائص ومصادر

يوضح «بيت العطور»، كذلك، وبشكل تقني متقدم، كيف يكون دهن العود الصناعي، ويتيح فرصة استنشاقه. وأيضاً استنشاق دهن العود الإندونيسي والهندي، ومسحوق المسك الأبيض الصناعي والطبيعي، وكذلك الأسود الطبيعي. كما يقدم معلومات عن أهمية المسك في استعماله، وأصل مركباته المستخرجة، وخصائصه ومصادره، وكيف يكون المسك في حالته الطبيعية، إلى مقياس التولة للمسك.

ويشمل هذا التفصيل الدقيق، العود والمسك، ودهن الورد الطبيعي والصناعي والياس، كما يشمل «المشموم» و«المحلب» و«الفل» و«ملح البحر» و«اليشن»، أي الأشنة، وهو من الفطريات التي تنمو في المناطق الرطبة في الإمارات.

يوفر «بيت العطور» كذلك، سيرة لمواد عطرية أخرى، مثل الخزامى، التي يمكن العثور عليها في صحراء الإمارات الشمالية، والعنبر بأنواعه، من الخام إلى المسحوق، ودهن الزعفران، مع فرصة استنشاق كل نوع.

ويسترسل «بيت العطور» في عرضه المدعم بالصور حول استخدامات هذه العطور، مثل الزعفران، الذي يستخدم وسيلةً للراحة والنظافة والبهجة.

وللزعفران، هنا، خصوصية ثقافية فريدة، إذ كانت الفتيات الإماراتيات يستخدمنه قديماً في الكثير من المناسبات، لا سيما أيام الاحتفال بـ «التومينة»، أي ختم القرآن الكريم، حيث يوضع معجون الزعفران خلف أذني الفتاة، وعلى صدغها وخدودها، لمساعدتها على التأقلم مع حرارة ورطوبة الجو. وهذا ينطبق على الياس، الذي يوضع في شعرها.

وهناك الزباد والعطور الأخرى، كالكافور الذي يستخدم في غسل جثمان المتوفى. ولا يتوقف «بيت العطور» عند هذا الحد، فهو يعرض أيضاً لطرق التجارة القديمة والجديدة للعطور، ويقدم فكرة وافية عن الأدوات المستخدمة في صناعتها قديماً في الإمارات.

Email