متحف الشندغة.. «بيت الشعر» مفردات تنثر المعانى (3)

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل «متحف الشندغة» حالة فريدة في عالم المتاحف، إذ هو في الواقع يمثل 22 متحفاً في واحد. وهذه المتاحف الداخلية، التي يطلق عليها بيوت الشندغة، تجعل من «متحف الشندغة» حياً متحفياً متكاملاً.

ومن اللافت أن كل بيت - متحف، من هذه البيوت، يتخصص بعنوان من عناوين الحياة في دبي، ويعرض جانباً من جوانب تراثها الثري، ويعرف بتقاليد الحياة والعمل والتجارة والصناعات المحلية بطريقة فريدة.

تنعكس المفردات المنثورة في «بيت الشِعر»، بمعانيها الوافرة وبتقنية عالية على الجدران والسقف والأرض، على إحساس الزائر ومشاعره، وتدخله في حالة من التواصل مع المعاني وجمال الصورة الأدبية.

وهنا، يأخذ «بيت الشعر» أهميته باعتبار أن الشعر هو المتنفس الأدبي الأول لأهل الإمارات منذ القدم في حلهم وترحالهم، منذ قوله على ألسنة المسافرين والمرتحلين، ومنذ تلك الأشعار التي نظمها الشعراء، ليرددها الجميع وينشدها.

في «بيت الشعر» يتعرف الزائر على أغراض الشعر وعلمه، وأوزانه وإيقاعه، وكيف أن القافية الموحدة من أكثر الأنماط انتشاراً في الشعر العربي الفصيح، ثم كيف شاع شعر التفعيلة وشعر النثر، وكيف حذا الشعر الشعبي حذو الشعر الفصيح في البناء.

ويستعرض «بيت الشعر» أهم أشكال التعبير الثقافي في دولة الإمارات، وعرضاً حول الشخصيات الشعرية من الموثقين القدماء من الشعراء الأقدم في التوثيقات، وكيف كانت تُكتب به العلوم، مثل أشعار الملاح الجلفاري الشهير أحمد بن ماجد في القرن الخامس عشر، وهو يمثل التراث الإماراتي، وغيره من الشعراء من النبطي إلى الفصيح حتى العصر الحديث.

حقب ومراحل

وفي السياق، يعرض «بيت الشعر» سير رواد الشعر الشعبي من الماجدي بن ظاهر وما بعد عام 1660م، وهو الموثق الكبير للمنطقة، وصاحب القصائد المستوحاة من التربية وبناء الأجيال والحياة والسفر والتضاريس والواحات، إضافة إلى ابنته الشاعرة الملقبة بفتاة الحيّ، إلى محين الشامسي من الحيرة الشارقة عام 1750م، وكتاباته الشعرية حول السياسة والتاريخ، إلى النهضة الشعرية الحالية.

«بيت الشعر» يقدم ما هو أكثر من ذلك، فوضع الزائر في صورة تغير وسائل نقل الشعر. ناهيك التعريف بأسلوب حساب الجُمل في حل الأحجيات، إلى العشر المغنى المبني على الأوزان والبحور والإيقاع والقافية، وشعر العيالة بوصفه منتمياً إلى طابع الفخر وفناً تتم تأديته في ساحات المعارك وفي أفراح النصر.

«بيت الشعر» من البيوت المميزة في متحف الشندغة الكبير الذي يعني به من كل النواحي، ويقدمه بأصوات شعرية عبر مذياع يذيع القصائد، بأسلوب الهمس مع موسيقى خافتة ومعبرة طوال رحلة الاكتشاف، التي تنقل الزائر في هذا البيت من غرفة إلى غرفة.

 

Email