فلسطين .. مع المسحراتي تكتمل الصورة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يزال رمضان يحتفظ بأجوائه ومظاهره الثقافية والاجتماعية الخاصة به في فلسطين، بعد أن توارثتها الأجيال وتمسك بها الأبناء والأحفاد لتبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ. ولا يزال المسحراتي يجوب الكثير من شوارع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، يشدو بصوته الصداح بالأناشيد الرمضانية والأذكار ويرافقه الطبل الذي يقرعه ليوقظ النائمين ليتناولوا السحور ويصلوا الفجر.

مع إعلان ثبوت هلال الشهر الفضيل، تصدح مكبرات الصوت بالمساجد بالتكبير وذكر الله، وفي أول أيام رمضان تزدحم الأسواق بالصائمين. وبرغم كل الظروف، إلا أن الفلسطينيين يحرصون على أداء صلاة التراويح في رحاب المسجد الأقصى المبارك، كما ينتشر الأطفال في الشوارع القدس العتيقة ينشدون ويرحبون بزوار الحرم القدسي، وتتزين مداخل وطرقات البلدة القديمة بالزينة والإضاءة.

ومن أهم العادات المتوارثة، الإفطار الجماعي، والذي لا يغيب أبداً مهما كانت الظروف، لكن الأجمل قيام كبير العائلة بدعوة أبنائه مع عائلاتهم أول أيام رمضان، كما يقوم بزيارة أرحامه وتقديم الهدايا بمناسبة حلول الشهر الفضيل، كما تبرز أكثر صور التكافل الاجتماعي والمساعدات ومد يد الخير إلى الفقراء والمحتاجين، وأيضاً هناك عادة جميلة يتميز بها الشعب الفلسطيني تتمثل في انتشار موائد الرحمن، التي تقدم من قبل رجال الخير والمؤسسات والجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى إقامة التكايا التي هي عبارة عن أماكن مخصصة لإطعام الفقراء والمحتاجين، ومساعدة عابري السبيل.

ومن أهم سمات رمضان في فلسطين، تبادل الإفطار بين الأسر، حيث تتفنن ربات البيوت في إعداد الأكلات والتباهي بأشهرها، ومن الأكلات الرمضانية الشهيرة المقلوبة والمسخن والمنسف والملوخية والكبة، ومن أشهر المقبلات التبولة والفتوش وفتة المكدوس، ولا تخلو المائدة من المخللات بأنواعها، والسلطات والشوربات.

ولا تكتمل المائدة الرمضانية عند الفلسطينيين إلا بالعصائر والمرطبات التقليدية التي تروي عطش الصائمين، كعصائر الخروب والتمر الهندي والرمان والعرقسوس والليمون والجزر، ويحظى مشروبا الخروب والتمر الهندي بإقبال لافت ويحتلان موائد غالبية المنازل.

وتنفرد نابلس شمال الضفة الغربية ببعض العادات والتقاليد الخاصة، ورغم أن بعضها اختفت، ومنها مدفع رمضان، إلا أنها لا تزال تحتفظ ببعض الطقوس. تقول الستينية أم رائد شاهين التي تقطن مدينة نابلس لـ«البيان»: أكثر ما تتميز به نابلس في رمضان عدا الزينة والأضواء المنتشرة في كل مكان، عادة رمضانية قديمة لا زالت حتى اليوم، وهي عادة «السوق نازل» حيث يجتمع الأطفال بعد الإفطار وهم يحملون فوانيس رمضان ويذهبون إلى السوق يرددون بعض الأهازيج والأغاني التي حفظوها عن آبائهم وأجدادهم، وخلال سيرهم يتلقون الهدايا والعطايا من التجار استبشاراً بالشهر الكريم، وينفقوا ما جمعوه من نقود في شراء الذرة والفستق والحلوى والألعاب، وكل ما يحلو لهم.

Email