السودان.. قطع الطريق لإكرام العابرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

توحّد العادات الاجتماعية السودانيين، ويجمع تلاقح الثقافات المتنوعة شتاتهم، إذ يتشاركون جميعاً الإرث الاجتماعي والعادات والطقوس ذاتها، لا سيما خلال شهر رمضان، حيث يجلس الجميع على «برش» الإفطار متساوين دون فوارق، يتبادلون موائد الطعام والمشروبات البلدية، يجلسون عليه ويتسامرون متناسين انتماءاتهم السياسية وضغوطات المعيشة. ويعتبر السودان من الدول الغنية بالموروثات الاجتماعية التي استعصت على الاندثار رغم المتغيرات وتقلبات الاقتصاد والسياسة، إذ ظلت العادات خلال رمضان صامدة المتغيرات. وتتصدر وجبة «العصيدة بالتقلية» المائدة الرمضانية في كل البيوت، فيما ظل مشروب «الآبري» سيد المائدة بلا منازع.

ويحرص السودانيون على الإفطار في مجموعات، لا سيما في الأرياف، إذ يحرص سكان الأحياء على التجمع سوياً قبيل الإفطار في الشوارع وقرب الساحات الرئيسية، حتى يتشارك كل عابر طريق معهم الإفطار قبل أن يسمح له بمواصلة طريقه.

ويقوم أهالي المناطق الواقعة على طرق المرور السريع، لا سيما ولاية الجزيرة وسط البلاد، بإغلاق الطريق قبيل أذان المغرب ويطلبون من الصائمين الوقوف والنزول وتناول الإفطار، ، ويتبارون في إكرام وفادة العابرين، وتقديم المأكولات والمشروبات بما تيسّر، عملاً بمقولة: «الجود بالموجود». وتعتبر عادة قطع الطريق من أبرز عادات السودانيين طوال أيام الشهر الفضيل. وبحثاً عن الاستجمام بعد نهار الصوم تلجأ الكثير من الأسر السودانية للإفطار على ضفاف النيل، إذ يكتظ شارع النيل بمدينتي الخرطوم وأم درمان بالعائلات، فيما تعقب الإفطار جلسات الأنس مع احتساء أكواب القهوة، وينظم الكثيرون برامج ترفيهية تتخللها النكات والضحكات. يمثّل رمضان فضلاً عن كونه شهراً للعبادة والطاعات والتقرب لله عز وجل، موسماً اجتماعياً وثقافياً فريداً، يبرز فيه دور التكافل الاجتماعي عبر الجمعيات الشبابية الناشطة في العمل الطوعي، بمد يد العون للأسر المتعففة، كما ينشط رواد الثقافة في إقامة المنتديات والخيام الرمضانية التي تعج بالإبداع وتبادل الأفكار في مختلف صنوف الأدب.

Email