دبي - رحاب حلاوة
يتميز شهر رمضان في السودان بعادات وتقاليد فريدة تعكس روح الكرم والتكافل الاجتماعي العميق بين أفراد المجتمع، ومن أغرب وأجمل هذه العادات «قطع طريق الصائمين»، حيث يتعمد السكان، خصوصاً في القرى والمناطق الريفية، إيقاف المسافرين على الطرقات قبل أذان المغرب وإجبارهم على النزول للإفطار معهم، حتى لو كانوا في عجلة من أمرهم، ويصف البعض هذه العادة بالغريبة، ولكنها إنسانية تجسد قيمة التضامن في المجتمع السوداني.
إلى جانب ذلك، تبرز عادة «برش رمضان»، حيث يتم فرش الحصر في الطرقات لإقامة موائد إفطار جماعية تجمع الجميع، سواء من أهل الحي أم من الغرباء والمارة، ولتعكس هذه العادات جوهر الضيافة السودانية وروح التعاون التي تتجلى بأبهى صورها خلال الشهر الكريم.
كرم كبير
وفي مختلف أنحاء السودان، وخصوصاً على الطرق السريعة التي تربط بين المدن والقرى، تنتشر ظاهرة «قطع طريق الصائمين»، فمع اقتراب أذان المغرب، يخرج الأهالي إلى الطرقات، ويتجمعون عند نقاط معينة، ويقومون بإيقاف السيارات وإجبار المسافرين على النزول لمشاركتهم وجبة الإفطار، ولا يسمح للمسافر بالمضي قدماً دون أن يفطر، حيث يعتبر ذلك في الثقافة السودانية تصرفاً غير مقبول من الناحية الأخلاقية والدينية.
وتجهز الموائد مسبقاً بأبسط الأدوات، ولكنها تحتوي على كل ما يلزم الصائم لاستعادة طاقته، من مشروبات رمضانية مثل «الأبريه» و«الحلومر» و«الكركديه»، إلى الأطعمة التقليدية مثل العصيدة والملاح، وبمجرد نزول المسافر، يعامل كأنه فرد من العائلة، ويتناول الإفطار وسط أجواء من الألفة والمحبة، ثم يستأنف رحلته بعد أداء الصلاة.
موائد مفتوحة
إلى جانب «قطع الطريق»، تنتشر في الأحياء والقرى السودانية عادة «برش رمضان»، وهي عبارة عن إفطار جماعي يقام في الشوارع والساحات، حيث يجتمع الجيران والمارة على موائد مشتركة، ويطلق عليها «البرش» نسبة إلى الحصر التي تفرش على الأرض بدلاً من الطاولات، حيث يجلس الجميع في حلقات لتناول الطعام.
ولا تفرق هذه العادة بين غني وفقير، بل يشارك الجميع في إعداد الموائد، حيث يجلب كل فرد جزءاً من الطعام، مما يخلق أجواءً من التعاون والتكافل الاجتماعي، ويتنوع الإفطار بين المشروبات التقليدية والأطباق السودانية المشهورة.
تعزيز الروابط
وفي بعض المناطق، تغلق الشوارع مؤقتاً وقت الإفطار، ويجلس الرجال والشباب في صفوف متقابلة، فيما تتولى النساء إعداد الطعام في المنازل وإرساله إلى الموائد، وهذه العادات تعزز روح الوحدة بين أبناء الحي، وتجعل رمضان في السودان مختلفاً عن أي مكان آخر في العالم. وتعكس هذه التقاليد الرمضانية القيم الاجتماعية العميقة للمجتمع السوداني، حيث يلعب الكرم والتكافل دوراً محورياً في الحياة اليومية، ويظل رمضان في السودان تجربة متميزة بفضل عادات شعبه.
شوارع السودان مائدة إفطار جماعي عنوانها «برش رمضان»
