الفرصة واللص

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أحيان كثيرة، وفيما نحن نسعى للقيام بما فيه خير نكون أدوات للشر ومن جهتي، فإنني أحاول أن أبقى يقظاً على الدوام..

الصبيان

تروي قصة عربية قديمة أن صبيين، أحدهما غني والآخر فقير، كانا عائدين من السوق إلى منزليهما، وقد جلب الصبي الغني معه قطع حلوى مغطاة بالعسل، فيما جلب الصبي الفقير قطعة من الخبز اليابس. قال الصبي الغني للفقير: "سوف أسمح لك بتناول الحلوى التي بحوزتي إذا مثلت دور الكلب من أجلي". وافق الفتى الفقير.

وفيما هو يدبدب على يديه وقدميه على الرصيف، بدأ يأكل ما لدى الرجل الغني من طيبات. وصادف أن رجلاً حكيماً كان يراقب المشهد، فقال: "لو كان لدى هذا الصبي ذرة من الكرامة لكان وجد طريقة ما لكسب المال. لكنه يفضل التحول إلى كلب الصبي الغني في سبيل أن يأكل قطعة الحلوى التي أعطاها له. وغداً عندما يكبر، سيقوم بالشيء نفسه في سبيل الحصول على منصب حكومي، وسيكون بمستطاعه خيانة بلاده مقابل كيس من ذهب.

 

تجنب مساعدة الشياطين

قال حكيم لصديقه: "في أحيان كثيرة، وفيما نحن نسعى للقيام بما فيه خير، نكون أدوات للشر، ومن جهتي فإنني أحاول أن أبقى يقظاً على الدوام، لكن الشيطان استخدمني اليوم كأداته".

فأجابه صديقه: "كيف يحدث أمراً كهذا؟ والمعروف عنك اتصافك بالحكمة!".

فرد عليه قائلاً: "هذا الصباح ذهبت للصلاة في الجامع، واحتراماً مني لما درجنا عليه، خلعت حذائي قبل دخولي إليه، وبعد خروجي لاحظت أن حذائي قد سرق، وإنني تسببت بوجود لص جديد".

فقال له صديقه" "لكن هذا ليس خطأك".

فأجاب قائلاً: "بل هي غلطتي. فمن السهولة إيقاظ الجانب السيئ لدى إخواننا من بني البشر، ومن السهولة إزعاج واحد منهم، وزرع الفتنة وإثارة الشكوك وشق صف الأخوة وإبعاد الواحد عن الآخر. ويحتاج الشيطان إلى الإنسان ليقوم بأفعاله، ولهذا السبب أتحمل مسؤولية ما جرى".

 

محكوم بالإعدام

مر رهط من الجنود عبر الشارع، وهم يقتادون رجلاً محكوماً عليه بالإعدام إلى المشنقة.

فقال أحد أتباع رجل حكيم: "هذا الرجل لم يكن صالحاً، ففي إحدى المرات أعطيته قطعة فضية لأساعده على الخروج من بؤسه، ولم يفعل أي شيء مهم بها".

فأجابه الحكيم: "ربما لم يكن هذا الرجل صالحاً، لكنه ربما يسير إلى المشنقة الآن بسببك، ويحتمل أنه استخدم المال الذي أعطيته إياه لشراء خنجر، قام باستخدامه لارتكاب جريمته، وبالتالي فإن يديك ملطختان بالدماء كما يديه. وبدلاً من أن تظهر دعمك له بالحب والحنان، اخترت إعطاءه صدقة والتخلص من واجباتك".

 

في مواجهة القدر

كان رجل طاعن في السن يبيع دمى وألعاباً في السوق ببغداد، وكان بعض الذين يشترون منه يدفعون له بعملات زائفة في بعض الأحيان، وهم يعلمون بأنه يعاني من ضعف النظر.

وقد انتبه الرجل العجوز إلى هذه الخدعة، لكنه لم ينبس بكلمة عن هذا الموضوع. وفي صلواته، كان يطلب من السماء أن تغفر لأولئك الذين يخدعونه، وكان يقول لنفسه في خلوته: "ربما ليس لديهم كثير من المال ويريدون شراء هدايا لأطفالهم".

 

مرت الأيام وتوفي الرجل.

يقال إنه فيما كان يحاسب عما جنته يداه، مضى يبتهل قائلاً: "أثقلتني خطاياي، واقترفت الكثير من الأخطاء، ولست أفضل من العملات الزائفة التي أعطيت لي، فليت الغفران يحل بساحتي! عندئذ سمع صوتاً يقول له: "كيف يمكن الحكم على شخص لم يصدر أحكاماً على أحد مطلقاً خلال حياته؟".

Email