القانون والثمار

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الصباح .. يجب ان نتصرف كما لو أننا على وشك عبور شارع .. أن نقف وننظر في الاتجاهين .. قبل أن نمشي قدما فنلقي بأنفسنا في خضم نشاطنا اليومي المسعور

 

كانت الثمار نادرة في الصحراء، فدعا ناسك، أحد حكمائها، وقال له: "يمكن أن يأكل كل فرد ثمرة واحدة في اليوم لا غير". وهكذا، درج المقيمون بالمكان، على هذه العادة، على امتداد أجيال عدة، فحافظوا بذلك على مقدرات وامكانات البيئة المحلية. وما ان طرحت الثمار المتبقية بذورا، حتى نهضت أشجار أخرى محلها، وسرعان ما تحولت المنطقة بأكملها، إلى ارض خصبة، وباتت محسودة من مدن أخرى عديدة.

ولكن سكانها استمروا في تناول ثمرة واحدة يوميا، مقتدين بتوصيات حكيم قديم كانت وصلتهم وتناقلها أسلافهم، إلا أنهم، وإلى جانب ذلك، لم يسمحوا لسكان القرى الأخرى بالاستفادة من المحصول الوفير، الذي كان يثمر في قريتهم، كل سنة. وكانت حصيلة ذلك، ان سقطت ثمارهم على الارض وفسدت. فدعا الناسك، حكيما آخر، وقال له: "دعهم يأكلون كل ما يشتهون من الثمار، واطلب منهم مشاركة ما يملكون من وفرة مع جيرانهم".

ووصل الحكيم إلى المدينة، حاملا رسالة جديدة، لكن ما أن زرع هذا التقليد في قلب وعقل كل فلاح، حتى تعرض للرجم بالحجارة من قبل سكان القرية. ومع مرور الوقت، بدأ شباب القرية في التشكيك بهذا التقليد الهمجي. ولكن، بما أن تقاليد الأولياء لا يمكن المساس بها، قرروا الابتعاد عنها. وبهذه الطريقة، كان بمقدورهم ان يأكلوا ما شاؤوا من الثمار، وكذلك إعطاء ما تبقى منها، إلى من هم بحاجة إلى الطعام.

ولم يبق في الكنيسة المحلية، إلا من ظن نفسه قديسا، لكنهم في الحقيقة كانوا غير قادرين على رؤية ادراك حقيقة ان العالم يتغير، وانه يتعين عليهم ان يتغيروا معه.

 

الحكيم والنمور

عمد مدع للحكمة، إلى إخافة سكان إحدى القرى، فور وصوله اليها، من خطر شرور توشك ان تأتيهم من الغابة، فقام الناس المذعورون بجمع مبالغ كبيرة من المال، وأعطوها له، كي يدرأ هذه التهديدات والمخاطر عنهم. فجلب الرجل( الحكيم) بعضا من الخبز القديم.. وبدأ في نثره حول الغابة، متمتما بكلمات غير مفهومة، فاقترب منه شاب.

وقال له: "ماذا تفعل؟". فأجاب:" انقذ والديك وجدك وجدتك وأصدقاءك، من تهديدات النمور". فقال الشاب: "نمور؟ لكن لا توجد نمور في هذه البلاد!". فأجاب مدعي الحكمة قائلا : "الأمر يجدي دائما بقوة سحري كما ترى". وكان الشاب يمضي في محاولة الجدال معه، فما كان من القرويين إلا أن قرروا طرده من المدينة، لأنه كان يعكر صفو عمل ذاك الرجل التقي بنظرهم.

 

وزن الأفعال

يقول أحد النساك: "في الصباح يجب ان نتصرف كما لو أننا على وشك عبور شارع من الشوارع.. يجدر ان نقف وننظر في الاتجاهين كليهما.. ونمشي قدما إلى الأمام. وقبل ان نلقي بأنفسنا، في خضم نشاطنا اليومي المسعور، لنتوقف قليلا.. فهذا يسمح لنا بالتأمل في أولوياتنا، وفي المواقف التي يمكن ان نتخذها في مواجهة أي من المشكلات، وكذا القرارات التي يفترض اتخاذها".

ويضيف: " .. لننظر حولنا .. لا فائدة من التوقف إذا كنا لا نرى ما يجري حولنا. ويتعين علينا ان ندرك انه باتخاذ اي قرار، فإننا نؤثر في كل شيء يحصل حولنا، ونتأثر به أيضا..وأخيرا، لنمض قدما في سبيلنا، فلا فائدة ترجى من النظر في الاتجاهين، إذا لم يكن لدينا غاية محددة من هذا، ومؤكد أن حقيقة التصرف هي التي تبرر كل شيء، وتسمح لنا بإظهار المجد الإلهي الهائل من خلال عملنا، حيث ان كل ما يعمل به، لا يحتاج منا أكثر من التصرف، بالطريقة نفسها التي نتصرف بها عند عبورنا الشارع".

Email