دخل العرب الألفية الثالثة بأسوأ حال مما دخلوها في الألفية الثانية نسبياً، كانت الدولة العثمانية تهيمن على كل أقطار العرب، وكان هناك أمل كبير بالتحرر والانعتاق، رغم أنهم فوجئوا بتقسيم الوطن إلى أجزاء ضمن مشروع (سايكس بيكو) سيئ الصيت، أما الآن فنحن في العقد الأول من القرن الجديد، وأمام تحديات كبيرة تواجهنا، أهمها الاكتشافات العلمية، والثورة المعلوماتية والتقنية.

ورغم أن عدد الجامعات ازداد بنسبة 100% تقريباً، وتوسعت المدارس فشملت القرى والأرياف، إلا أننا نستطيع أن نقول ان نسبة التخلف عالية جداً، فالنسبة المتوقعة وغير المعلنة للأمية تقارب 30%، بمعنى أن مجموع الأميين حوالي 90 مليون نسمة.

دعونا نذكر بعض المعلومات عن دول أخرى. كندا مثلاً أعلنت قضاءها التام على الأمية بما في ذلك أمية التعامل مع التقنيات الحديثة.

تعتبر الهند أكثر دول العالم تصديراً لبرامج الكمبيوتر فقد بلغ حجم صادراتها من هذه البرامج عام 2002 بـ 8 مليارات دولار.

للننظر إلى القائمة العلمية للفائزين بجائزة نوبل ومنذ أن بدأ توزيعها عام 1901 وحتى الآن لم يفز بها عالم عربي ما عدا أحمد زويل، وواحد فقط من الباكستان، بينما حصل عليها 81 أميركيا في الطب، و10 في الكيمياء.

كما حصل عليها 26 بريطانيا في الطب و 20 في الكيمياء و 25 في الفيزياء، بمعنى أننا بعيدون عن التحصيل العلمي المؤسس، نحن خارج الطموحات العلمية التي لا بد لشعب أن يكون حضارياً من أجل مسيرته مع الشعوب المتحضرة في عالم يعتمد على العلم والتقنيات الحديثة، عالم لا يرحم المتخلف أو المتكاسل.

نحن نستورد العلم والتقنيات والعاملين في مثل هذه الحقول، ونكتفي بذلك دون أن نكون منتجين للعلم، وللتقنيات، وهذا الحال انعكاس لمناهجنا التربوية وتخصصاتنا الجامعية التي ما زالت بعيدة عن التوازنات المعاصرة والاهتمام العلمي.

لم تحاول مدارسنا المتخصصة اكتشاف ميول طلابنا من أجل توجيههم إلى تخصصات نافعة، مثلما نفتقد إلى مركز التخطيط والبرمجة التي تكشف الحاجات الفعلية لمجتمعاتنا ولسوق العمل وللحاجات العلمية.

بمعنى أننا بدون بوصلة متخصصة لنعرف اتجاهات مسيرة هذه الأمة التي تمتد على مساحة واسعة من العالم اليوم، دون أن نستطيع أن تكون قوة مؤثرة فعلاً في الحياة الإنسانية العامة مع وجود طاقات وعقول هائلة قادرة على احتلال مواقعها المتقدمة في هذه الألفية الجديدة متى ما استطاعت هذه البلدان من إيجاد العلاقة المشتركة.

بينها لتأسيس هذه المراكز العلمية التي يمكن أن تفيد مجتمعاتها على الاندماج الحقيقي في صلب الألفية الثالثة لا عند تخومها، إن التحديات أكبر بكثير مما هو موجود فعلاً على الواقع، وإن طموحاتنا لم تتبلور لتنتج ما يمكن أن ننافس به دول العالم.

abdulelah_q@hotmail.com