عرف العرب منذ فجر التاريخ كونهم مقاتلين من الدرجة الأولى، ظهر ذلك في غزواتهم قبل الإسلام، والفتوحات الإسلامية، وما تلا من العصور المختلفة التي مرت على تاريخنا العربي.
وما عرفناه من سيادة عسكرية واقتصادية وحضارية شملت العالم كله، ولم يقتصر ذلك على التاريخ إنما انعكست هذه الحالة على الشعر، ومن قِبل اللغة العربية، وهي المعروفة بتعدد مفرداتها وغناها وتعدد مدلولاتها.
وإذا ما تركنا عصر ما قبل الإسلام، فإننا نلاحظ أن العرب كانوا يقاتلون في أكثر من جبهة في آن واحد في الفتوحات الإسلامية، وقد عرفوا بنظامهم العسكري وقدرتهم على التكتيك.
ومن ثم دخلوا في حروب عديدة كان من بينها حروب التتار وسلسلة الحروب الصليبية، أما العصر الحديث فقد مر العرب بحروب طاحنة منذ بداية القرن العشرين، ومشاركتهم في الحرب العالمية الأولى، ومن ثم الثانية وحرب فلسطين 48، 1956، 1967، و 1972.
والحرب العراقية الإيرانية، وسقوط بغداد، وغيرها من حروب لم نذكرها، وليس بالضرورة انتصار العرب بها، ويبدو لي أن هذا الأمر لا يمكننا أن نغير قوانينه، فنحن أمة كان قدرها أن تكون كما هي..
قد نختلف أو نتفق عن أسباب قيام كل هذه الحروب، إلا أننا في النهاية نخضع إلى منطق الحرب بشكل مصيري، لأن شعوبنا تجد نفسها أمام النار مباشرة.
حتى الخدمة الإلزامية ليست جديدة على شعبنا، فقد عرفت الدولة الآشورية بنظام الإلزامية، وقد كشف قانون حمورابي عن احتراف لمهنة العسكر، وعرف المصريون التجنيد الإجباري، وكان الفراعنة يلجأون في زمن الحروب إلى تجنيد المصريين وقد ظلت الحال حتى في زمن الدولة العثمانية وفترة الاستعمار، وظهرت هذه الحالة في الأغاني التراثية.
وقد استوعبت اللغة العربية تنوع وتعدد أسماء الأسلحة، فمثلاً حينما نذكر السيوف العربية تجد منها (اليمانية، والمشرفية، والهندية، والبصراوية، والقلعية، والسليمانية، والسريجية»،.
واللغة استوعبت أيضاً أجزاء السيف فذكرت (الذؤابة، الشفرة، النصل، المتن، الشاربان، القائم، السيلان)، وهكذا نجد الأمر عند الرماح ومن أنواعها (السمهرية، الزاعبية، اليزنية، الرُدينيَّة، القناة، الخطية... الخ) .
وننتقل إلى السهام وأجزاء السهم وأنواعه مثل (الفاضل، الخازق، الخاسق، الخابئ، المارق، الخارم، المزدلف، المريخ، المعبلة، والمشقص، المسير، الحظوة، الرهب) وهذا ما نراه في الأقواس.
وغيرها من أدوات الحرب المختلفة التي نعجز عن ذكرها ولو بشكل مختصر، إنما ذكرنا ذلك من باب التمثيل لأهمية الحرب في حياة العرب، ولغنى اللغة في استيعاب أدوات الحرب واجزائها، ولا أعتقد أن لغة غير العربية استطاعت أن تستوعب كل هذه التسميات والاشتقاقات والدلالات وإن كان ذلك ينطبق على كل مفردات العربية بدون تميز، لأنها لغة موسوعية وحية وقادرة على استيعاب الحياة برمتها بما في ذلك لهيب الحرب ودوي الصواريخ.
