لإذاعة دبي ومن كان يعمل فيها ببداية الثمانينات مكان هام في شريط ذكرياتي، وقد تعددت تجربتي ما بين العمل في المسرح والإذاعة والتلفزيون، وأنشطة ثقافية مختلفة، جعلتني رجلا مخضرما مازلت أتنفس وأواصل حركتي التي هي في إطار النسيج الإبداعي العام دون أن أكون خارج السرب.
في بداية الثمانينات وفي مجلسنا بنادي النصر، الذي كنا نعقده ظهر كل يوم، كنا نحرص على أن نتحلق حول الشاعر الأديب حسيب كيالي، كان مجلس أبو محمد يستقطب كل العاملين في إذاعة دبي، وكنت أعمل متعاوناً فيها، إذ قدمت وعلى مدى أكثر من عشرة أعوام برنامجاً أسبوعياً عن المسرح مدته حوالي 30 دقيقة وكنت، في الوقت نفسه، أكتب وأخرج مسلسلات إذاعية مخصصة للطفل أو مسلسلات عامة، مجلس حسيب لا يمل منه.
ولا يعطيك خيار عدم حضوره، فقد كان مزيجاً من قصص ساخرة، وإشعار، ودروس في اللغة، مطعمة بروح حسيب كيالي المرحة والساخرة حتى من نفسه عندما لا يجد من يسخر منه، وأبو محمد بحر من ذكريات ومواقف مع العديد من أعلام الأدب، وكنت قد تعرفت عليه شخصياً في نهاية السبعينات وإن كنت قرأت له صبياً، ومما كان يجذبني إلى مجلسه تلك العلاقة الإنسانية من المحبة المتبادلة التي جمعتني به، فلقد كان مجلس الكيالي يضم معظم العاملين في إذاعة وتلفزيون دبي أمثال حسن أحمد.
عبد القادر الكردي، عمر أبو سالم، محمد الدبسي، محمد حسن عبد الرحمن السيد، صلاح عويس، وعدد كبير من الزملاء تخونني الذاكرة في تعداد أسمائهم على أن المجلس كثيراً ما كان ينقطع ليلتحم مساءً في ربيع الصحراء، حيث منزل محمد الدبسي، وربيع الصحراء، مجمع سكني يقع قرب جبل علي زحفت عليه ناطحات السحاب فأزالته.
مع إذاعة دبي حققت في تلك السنوات سبقاً لم تحققه إذاعة عربية بل ربما كانت دبي السباقة في ذلك، فكانت أول إذاعة قدمت مسلسلات الأطفال، وكان معي فريق من نجوم المسرح الكبار أمثال أحمد الجسمي، سيف الغانم، أحمد الأنصاري، سميرة أحمد، عادل إبراهيم، محمد سعيد، عبد الله صالح، مريم سلطان وعدد من المسرحيين.
وقد تنوع نشاطنا في الدراما الإذاعية ما بين مسلسلات للأطفال وللكبار أيضاً أمثال: طير السعد، الطيور، القنديل الصغير، ويوميات بومحيوس التي أخرجت منها 186 حلقة كانت تكرر ثلاث مرات كل يوم إضافة إلى مسلسل درامي تسجيلي (30 حلقة) عن شاعر الإمارات سالم بن علي العويس. وكان العمل يقتضي أن أعمل في مونتاج هذه المسلسلات حتى ساعة الفجر، ومازلت أحمل ذكريات جميلة عن تلك السنوات الذهبية مع إذاعة دبي.
إذاعة دبي كانت كما أعرف هي الإذاعة المفضلة لدى المستمع خاصة أيام الحرب العراقية الإيرانية لتوازنها ومصداقيتها في نقل الخبر.
