مجددا استقبلنا دورة جديدة من أيام الشارقة المسرحية، أهم مهرجانات المسرح الإقليمية، وفي كل دورة نحاول أن نقرأ المستجدات التي تفرزها الحياة المسرحية.

المسافة بين المهرجان الأول والاخير ليست بعيدة جداً ما زال الجيل الأول يعمل بنشاط في هذا المهرجان، رحل بعض الأصدقاء..

وهذا قدر الجميع في رحيل لا بد منه.وأيام الشارقة تكتسب أهمية استثنائية كونها المهرجان الأول الذي يجمع تحت خيمته فرق الدولة عموماً، وكذلك يستقطب فعاليات مسرحية عربية إضافة إلى بعض العروض التي يتم اختيارها، وقد استطاع هذا المهرجان أن يحتل الصدارة بين المهرجانات المحلية والعربية ومنافساً شديداً للعديد منها، بل أصبحت الإمارات مكان جذب مسرحي مركزي بعد أن شهدت الدولة نهضة متميزة في المسرح ودعماً غير محدود من المسؤولين وفي مقدمتهم أصحاب السمو حكّام الإمارات.

إضافة إلى الرعاية المتميزة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي كان له الدور الأكثر تأثيراً في الحياة المسرحية بما قدمه من دعم مالي ومعنوي ومشاركة فاعلة في الجهد المسرحي على كافة المستويات.

ومنذ عدة دورات وكذلك في ندوة البيان عن الدراما وحتى قبل أشهر قلائل أشرت إلى حالة جديدة بدأت تظهر في حياتنا المسرحية هي ظاهرة إيجابية ذات أبعاد سلبية، وقد يستغرب المتابع كيف يمكن لظاهرة أن تحمل الضدين في آن، لقد نشطت الدراما التلفزيونية بعد تكرار مطالبة كل المسرحيين بضرورة انطلاقها ورعايتها من الفضائيات.

وقد تحقق هذا المطلب، ونما سريعاً لما توفر له من دعم مادي سخي وانفتاح الفضائيات على النتاج الدرامي المحلي، وانسحب ذلك على الحركة المسرحية بشكل عام لأن التلفزيون سرق الفنان المسرحي سواء كان كاتباً أو ممثلاً، لما يحمله التلفاز من مغريات لا تتوفر في البيت المسرحي، ولعل من بين أهم إشكالات هذه الحالة، العددية المحدودة لفناني المسرح.

ومغريات التلفزيون لا تقاوم في سخائها المادي والانتشار والشهرة، ونحن لا ننكر حق الفنان في الكسب المادي كما هو حقه في الانتشار، إلا أن المسرح هو الذي يعاني من نتائج الدراما التلفزيونية بهجرة الفنانين المعروفين والذي يعتمد عليهم في حراك مسرحي إبداعي. لا بد من التفكير الجذري في إيجاد حلول في التوازن بين المسرح والتلفزيون ولا نعلن عن العجز قبل وقوعه.

إنما لابد من شجاعة كافية لمناقشة الظاهرة بموضوعية، ورؤى علمية تستند على تحليل واقعي وتعمل على إيجاد الحلول، إن التفكير بصوت عال وحوار بناء ودراسة دقيقة وشجاعة في المبدأ والموقف تجعل مثل هذا الملتقى المرتقب الذي اقترحه على أية جهة تعنى بالمسرح لتحقيقه وفق مساقات بحثية، وعناوين محددة مسبقاً وباحثين جادين، وبوجود أهل البيت، حتى لا نصل ذات يوم إلى نقطة اللاعودة.

abduleah_q@hotmail.com