في البحر.. الموجه تكسر الأخرى.. وتتلاشى عند الشاطئ وعلى الرغم من حجم البحر واتساعه فهو يعاني من هذا الصراع.
أما بيت المسرح في الإمارات فهو الآخر يعاني من تكسير بعضه لبعضه.
في الثمانينات كان الموسم المسرحي مزدهراً، وكل الفرق المسرحية تعول على الموسم، إلى أن جاء مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وبالتدريج أصبحت الفرق تعتمد على أيام الشارقة على حساب الموسم المسرحي، لم تزدهر في الثمانينات من القرن الماضي الدراما التلفزيونية الإماراتية، فكان المسرح هو المتنفس الدائم.
تعددت المهرجانات المسرحية في الإمارات:
أيام الشارقة المسرحية، مهرجان مسرح الشباب، مهرجان مسرح الطفل، مهرجان الفجيرة العالمي للمنودراما، إضافة إلى الموسم الصيفي للمسرح في عجمان، والموسم المسرحي الذي تنظمه جمعية المسرحيين بدعم ورعاية، سامية من صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وكذلك فعاليات الهيئة العربية للمسرح التي انبثقت من الإمارات وبدأت تنشط البيوت المسرحية العربية وترعى فعاليات مسرحية على مستوى الوطن العربي.
هذا التنوع والتعدد في الأنشطة والمهرجانات جاء نتيجة تفاعل حقيقي للمسرح مع واقع التطور النوعي، ومع اهتمام المسؤولين في المناشط الثقافية والقيادات العليا لهذا الحراك والتطور، إلا أننا في الجانب الآخر، الميداني لم يستطع البيت المسرحي الإماراتي من توسيع قاعدته البشرية التحتية التي تتناسب مع كل هذا الفعل المسرحي المتعدد والمتطور والمتحرك على المستويين المحلي والعربي والعالمي أيضاً.
ومما زاد في هذه الإشكالية أن الدراما التلفزيونية الإماراتية قد نشطت خلال السنوات الخمس الماضيات بنسبة كبيرة استطاعت أن تستقطب كافة الفنانين المسرحيين إلى الشاشة السحرية وهذا أمر إيجابي وطبيعي كان ينبغي أن يبدأ قبل هذا السقف الزمني حديث الولادة على شاشات الفضائيات، إلا أن المردود في الجانب الآخر قد ولد فراغاً كبيراً في طبيعة العمل المسرحي اليومي الذي يحتاج هو الآخر إلى جهود فناني المسرح ليتمكن من تلبية الحاجة الأساسية التي ولدت مع هذا الحراك الكبير في أنشطة المسرح.
هنا تكمن إشكالية جديدة ظهرت في الحياة المسرحية، فالدراما التلفزيونية تحققت للفنان أخيراً ولكن على حساب الأنشطة المسرحية التي أخذت تعاني من ندرة الفنان المسرحي البديل، وانشغال الأساسيين في أعمال الدراما على مدى العام كاملاً إن لم أخطأ في الرصد.
لا بد أذن من التوازن أولاً.
ولا بد من خلق فنانين شباب بمستوى ثقافي وتقني عاليين.. يتناسب وما وصل إليه الفنانون الذين عرفناهم على الساحة المسرحية وشاشة التلفزيون.
