وفاء لصقر الرشود

وفاء لصقر الرشود

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1978، نكب المسرح العربي برحيل مأساوي لفنان كبير لم تتح له سنوات شبابه أن ينجز كل مشروعه المسرحي. كان صقر الرشود يؤدي واجبه في المنطقة الشرقية حينما حاصره الضباب الشديد عند عودته وتدهورت سيارته، وانتقل إلى رحمة ربه و فقدت الساحة المسرحية في الوطن العربي أحد أهم رجال المسرح الذين أثروا في المسرح بإنجازات مسرحية عديدة، ربما كان المنتظر منه أكبر مما أنجزه على الرغم من حجم التأثير والإنجاز والإبداع الذي حققه صقر.

لقد ترك الرشود بعد رحيله مدرسة تعلم طلابه منها الكثير واستمروا في الكويت على نهجه، وكانوا فاعلين مثلما كان المعلم الكبير صقر وهو يرسم خطوطه الدقيقة على خشبة المسرح الكويتي بصحبة عدد من المسرحيين الكويتيين الذين أسسوا بحق لما نسميه اليوم (بالمسرح الكويتي).

ولعلي أذكر رفيق دربه الفنان عبد العزيز السريع والصديق عبد الرحمن الصالح الذي كان يحلم أن ينجز صقر مشروعاً جديداً في مسرح الإمارات الذي كان يومها وليداً يتلمس الطريق ويتكئ على أهله وذويه من أهل الخبرة والمعرفة السابقة حتى ينطلق انطلاقته المعاصرة التي نعتز ونفتخر بها بل وننتمي لها ميدانياً وتاريخياً واعتزازاً بالطاقات الشابة التي ولدت فنمت وأعطت وأبدعت وحققت حلم صقر الذي كان ذات يوم يحلم به.

وهو في طريق عودته إلى الشارقة من المنطقة الشرقية، إلا أن ذلك الحلم لم يضع أو يبدد أو يغتال، لأن هذا الحلم كان حلم كل المسرحيين في الإمارات مثلما كان حلم الراحل الرشود ورفيقه الفنان الكبير إبراهيم جلال، الذي حمل المشعل بعد صقر واستمر في العدو مع المسرحيين الإماراتيين في ماراثون طويل امتد حتى اليوم .

لم تكن فترة إقامة وعمل صقر في الإمارات طويلة، إلا أنها مؤثرة على قصرها، كانت فترة متميزة بالحركة والحماسة وعشق المسرح والإيمان بالعمل تحديداً لا في السعي لأغراض أخرى قد نجدها اليوم لدى البعض.

لقد حقق صقر في سنواته القلائل في الإمارات إنجازات عديدة في المسرح فأدخل عنصر الخبرة المسرحية العربية كعامل مساعد على نمو وتسارع الحركة المسرحية المحلية، وأسس قسم المسرح في وزارة الإعلام والثقافة (حينذاك) واستقدم لهذا القسم العديد من الطاقات المسرحية العربية والخليجية، واقترح الدعم المالي للفرق المسرحية العاملة في الدولة.

كذلك قام بتفريغ مجموعة من المسرحيين الإماراتيين للعمل المسرحي، ووظفهم في وزارة الإعلام، واستدعى من الوطن العربي مجموعة من المخرجين المبدعين لينتشروا في مناطق الدولة المختلفة وينشطوا تلك الساحات مسرحياً، لتنمو تلك المسارح وتصبح اليوم فرقاً مسرحية عريقة، ويتناسخ فيها فنانون مبدعون كانت اللبنة الأولى مع تلك الإطلالة للراحل الكبير صقر الرشود الذي مرت ذكراه دون أن يذكره طلابه ومريدوه وأصدقاؤه.

abduleah_q@hotmail.com

Email