تنتمي الروائية الأميركية آن تايلر (1941) إلى التيار الجديد في الرواية الأميركية وهي واحدة من أخصب الروائيات الأميركيات المعاصرات فقد كتبت عشر روايات على مدى واحد وعشرين عاما 1964/1985 . وتعد رواية عشاء في مطعم المشتاقين للأهل هي الرواية التاسعة لها، بالإضافة إلى عشرات القصص القصيرة. وتتضمن كل رواياتها موضوع الحياة العائلية في البلدان الصغيرة في الجنوب الأميركي، أوفي البيوت التي تقع ضمن صف من البيوت في مدينة بلتيمور الأميركية.
تدور احداث رواية «عشاء في مطعم المشتاقين للأهل» في مدينة بلتيمور ـ الولايات المتحدة الأميركية ـ حيث ترتبط بيرل ـ وهي امرأة من طبقة راقية تعدت سن الزواج ـ بمندوب مبيعات يصغرها يدعى بك تل. كان بك يرتحل كثيرا من مدينة إلى أخرى إذ كان يبحث دائما عن فرص عمل أفضل وكانت بيرل ترافقه في جميع رحلاته. كانت بيرل سعيدة جدا بزواجها من بك تل فقد كان شابا قويا ولديه عمل جيد وكانت دائما تريد أن تتباهى أمام أصدقائها وبنات عمومها بزوجها الشاب. مع مرور الوقت تكبر العائلة الصغير ليضاف إليها كودي الفتى البكر وعزرا ثم الصغيرة جيني.
في أحد الأيام كانت العائلة قد استقرت في بلتيمور يقرر بك الرحيل وعدم العودة فقد أثقلت العائلة كاهله وكثرت مطالبها ولم يعد هوشابا كما كان في نظر بيرل. تخفي بيرل أمر رحيل الأب عن الأطفال وتخبرهم أن والدهم ذهب إلى رحلة عمل طويلة جدا إلا أن الأطفال يدركون مع الزمن أن رحلة العمل هذه دون عودة.
تقوم بيرل وهي سيدة قوية صعبة المراس بالاعتناء بالأطفال فتبحث عن عمل قريب في بقالة. لم يكن لديها أي أصدقاء أو جيران كانت وحيدة دائما لا تهتم بنفسها. كثيرا ما كانت تصرخ على الأطفال وتعاقبهم. كان عزرا طفلها المفضل فعلى حسب اعتقادها أنه ضعيف ليس ككودي ولا يستطيع الاعتناء بنفسه. اعتناء بيرل الدائم بعزرا خلق حقدا أبديا لدى كودي حيث كان كودي يحاول أن يتفوق وأن يكون مميزا وناجحا في كل أعماله إلا أن أمه ـ بيرل ـ لم تتأثر.
لم يستطع كودي أن يفهم ما الذي يميز عزرا وما سبب اهتمام الجميع به حتى الفتيات اللاتي كن يرافقن كودي كن يتأثرن بعزرا وبحنانه وبشعره الذهبي. أما جيني فكانت فتاة هادئة نوعا ما وكانت بيرل تؤنبها دائما حيث كانت نحيلة جدا مبعثرة لا شيء مما تفعله جيني يثير انتباه أمها، فلطالما حاولت أن تغير لون شعرها أو أن تقصه أو أن ترتدي ثيابا تساير الموضة، إلا أن بيرل دائما كانت ترى أن ابنتها لا تعرف كيف تصبح أنثى أنيقة وجميلة وبالرغم من أن بيرل لم تكن أنيقة نفسها ولكنها كانت مرتبة دائما.
أما الأب بك تل فلم يتوقف منذ رحيله عن إرسال رسائل إلى زوجته لا ليطمئن عنها بل ليطلعها على إنجازاته.. علاوة ما أو عمل أفضل فلطالما أراد أن يثير انتباه هذه المرأة الصعبة المراس القاسية أن يريها مدى عظمته ونجاحه. مع مرور الزمن يكبر الأطفال ليغادر كودي المنزل للعمل في مدينة أخرى هاربا من المنزل باحثا عن ما هو جديد ومثير.
وجيني تغادر أيضا إلى مدينة ثانية لتكمل دراستها ولتصبح طبيبة أطفال وتتزوج مرتين وتنجب فتاة تدعى بيكي، وفي زواجها الثالث يصبح لديها 13 طفلا حيث أن زوجها جو لديه 12 من زواج أسبق. وتعيش العائلة الكبيرة في مدينة قريبة على مقربة من بلتيمور وتدير جيني عيادة أطفال وتعتني بهم جميعا بمساعدة جو الضخم.
أما عزرا فيعمل في مطعم قريب لدى سيدة وحيدة طاعنة في السن وعند وفاتها تورثه المطعم، فيترك الدراسة ويبدأ عملا خاصا يطلق عليه «مطعم المشتاقين للأهل». يتعرف عزرا على فتاة مبعثرة صهباء اسمها روث ويقع في حبها. وفي إحدى زيارات كودي المعدودة يعجب كودي بروث كثيرا ويسرق قلبها من أخيه ويتزوجها ثم يسافر بعيدا إلى نيويورك.
على الرغم من حزن عزرا لفقده روث إلا أنه نوعا ما لم يبال وكان فرحا بارتباطها بأخيه كودي. أما بالنسبة لكودي فلم تكن روث فتاة أحلامه على الإطلاق فكانت أقرب ما تكون إلى الرجال من النساء لكن حقده على عزرا وإصراره الدائم على أن يكون لديه ما لدى عزرا دفعه لتزوجها.
وبعد زواج كودي بروث كان يتشاجر معها كثيرا ولطالما كان يشك في أنها مازلت تحمل مشاعر لأخيه عزرا. وبعد فترة من زواجهما يصبح لدى كودي طفل يطلق عليه اسم لوك. في مطعم المشتاقين للأهل أظهر عزرا كل مواهبه فكان الطعام همه الوحيد. وفي كل مرة كان يحاول أن يجمع العائلة ويلم فتاتها للعشاء في مطعمه لعيد ميلاد أحد ما أو لنجاح أحد. ولكن على الدوام كان أحد ما يبدأ الشجار ليغادر الجميع ويبقى عزرا وحيدا. كانت أمنيته أن يشهد اجتماعا لعائلته في مطعم المشتاقين للأهل.
تمرض بيرل كثيرا وتفقد بصرها ومن ثم تتوفى تاركة أمنية وهي أن يكون بك تل أحد المدعوين على جنازتها. وبالفعل يقوم عزرا بدعوة والده الذي لم يحدثه أو يراه منذ 35 عاما أو أكثر. كان الجميع في الجنازة متوترين من حضوره. يقوم عزرا بدعوتهم لعشاء عائلي في مطعمه، وفي المطعم يتشاجر كودي والأب بك فيرحل. ويدرك الجميع أنه آن الأوان لهذه العائلة أن تجمع فتاتها. فيذهب الجميع بمن فيهم الأطفال للبحث عن الأب والجد بك تل. فيجده كودي ويعيده إلى المطعم ليكملوا ولأول مرة عشاء عائليا في مطعم المشتاقين للأهل.

