روايات خالدة

الرغيف

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يجمع النقاد على اعتبار «الرغيف» للروائي اللبناني الراحل توفيق يوسف عواد (1911 ـ 1989) إحدى شوامخ الروايات العربية. وقد تلقّوها أثر صدورها سنة 1939 على أنها حدث في تاريخ الأدب.

وفي هذا النوع من أنواعه بالذات، لأنها تفصل بين مرحلة ومرحلة، وتنتقل بالرواية العربية من السرد التاريخي والوعظ الأخلاقي الرتيب، وكذلك من محاولات الاقتباس والتقليد الجاف أوائل القرن العشرين إلى مصاف الإبداع الفني. ولأول مرة التفت المستشرقون إلى الرواية العربية الحديثة منطلقين من «الرغيف»، فقد قال فيها «جاك برك» إنها «رواية رائدة» . ولد توفيق يوسف عواد في قرية «بحرصاف» اللبنانية في 13 فبراير عام 1911. بدأ دراسته في مدرسة القرية على يد رئيس دير مار يوسف، الذي كان يلقن الفرنسية إلى جانب العربية، ومن هناك انتقل إلى مدرسة اليسوعيين في بكفيا، حيث قضى سنتين أو ثلاث سنوات. تابع دراسته الثانوية في «كلية القديس يوسف» في بيروت حيث نال شهادة البكالوريا العام 1928 وبعد أن تخرّج من الكلية، انصرف إلى الكتابة في الصحف وتابع دراسة الحقوق في الجامعة السورية، استكمالاً لثقافته العامة، فكان يقصد دمشق يومين أو ثلاثة في الأسبوع ونال إجازة الحقوق عام 1934.

في بداية عهد الاستقلال التحق توفيق يوسف عواد بالسلك الدبلوماسي فعيّن قنصلاً للبنان في بوينس ايرس (1947 ـ 1949)، ثم عيّن مستشاراً لسفارة لبنان في طهران (1950 ـ 1953)، فقائماً بالأعمال في مدريد (1954 ـ 1956)، فوزيراً في سفارة لبنان في القاهرة (1957 ـ 1959).

عام 1969 عين سفيراً في طوكيو، ثم سفيراً في ايطاليا عام 1972. استشهد إبان الحرب اللبنانية، جراء قذيفة استهدفت منزل السفير الاسباني عام 1989.أبرز مؤلفاته: الصبي الأعرج، قميص الصوف، الرغيف، العذارى، قصص، السائح والترجمان، وطواحين بيروت.

تدور حوادث «الرغيف» خلال الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) على ثلاثة محاور رئيسية: المجاعة في لبنان، الشهداء الذين علّقهم جمال باشا على المشانق، والثورة التي قام بها العرب على الأتراك.

في منطقة ساقية المسك تعيش امرأة تدعى وردة كسار معها ابنها طام وهو فتى لم يتجاوز السابعة من عمره وابنة زوجها زينة وجدهما أبو سعيد كانت وردة تمتلك دكانا صغيرا زبائنه من الجنود الأتراك، حيث تعد لهم وردة الطعام والشراب.

كما انها امرأة قوية يخافها الجنود، كانت تكره زينة ابنة زوجها وحبيبها سامي عاصم المعروف بالأخ حنانيا، وكان هذا الأخير مطلوبا بتهمة التخطيط للثورة وكان يختبئ في مغارة الخورية.

حيث تزوره زينة كل مساء وتحضر له ما استطاعت أن توفره من طعام العشاء دون علم زوجة أبيها وردة كسار. كان سامي يحدث زينة عن أحلامه وعن الثورة وعن الاستقلال، وكانت تصغي إليه بإعجاب وحب شديدين.

كان الجنود يتوافدون إلى الدكان ليسترقوا النظر إلى جمال زينة. وفي المقابل كان الخواجه خليل المعلا يزور الدكان لمقابلة وردة كسار مغدقا العطايا على الفتى طام من مجيدي وبشلك (قطعتان نقديتان عثمانيتان) التي كانت وردة بدورها تأخذها من طام عند عودته وتترك الصغير فريسة البكاء.

كان طام يحلم بان يصبح ضابطا ويدخل الحياة العسكرية وكان لديه العديد من الأصدقاء الذين يعطونه البشاليك منهم راسم بك الذي يزوره طام باستمرار ويجلس في حضنه ويفرك له وجنتيه.

يكتشف الجنود مخبأ سامي عاصم ويلقون القبض عليه ويقودونه إلى سجن عاليه. هناك يتعرف سامي على شفيق أفندي العلايلي وهو جندي عربي في جيش الأتراك. في سجن عالية يتعرض سامي إلى شتى أنواع التعذيب لكنه يبقى صامدا ويساعده زميله في الأسر عمر حمد في تضميد جراحه.

تدخر زينة بعض النقود وتتجه نحو عاليه، وهناك تقابل الخواجه خليل المعلا الذي يساعدها في مقابلة سامي حيث يدلها على بيت رشدي بك وهو رئيس التحقيق في عاليه فيسمح لها بمقابلته.

في زيارة زينة الثانية لعالية يهرب سامي والحارس العربي شفيق أفندي من السجن ويتم إطلاق النار فتظن زينة أن الجنود أطلقوا النار عليهم وأن سامي مات وتعود تجر أحزانها إلى ساقية المسك.

عند عودتها يطلب راسم بك مقابلة زينة وعند حضورها يتهمها بمساعدة الأخ حنانيا على الهرب فتنكر ثم يحاول الاعتداء عليها فتقتله وتعود إلى الدكان وتخبر جدها بما حدث ويهربان سوية.

يأمر إبراهيم بك فاخر وهو ضابط آخر في ساقية المسك بتفتيش دكان وردة فيقلب الجنود الدكان رأسا على عقب ويصادرون كل ما تملك وردة ويجردونها من الأرض والدكان ويضربونها على رأسها فتصاب بالجنون.

خلال هذه الأحداث تتأسس العصابة البيضاء وتصبح حديث الناس وهم جماعة من الناس يسرقون ويقتلون الأتراك ويعطون الفقراء والمحتاجين تنضم زينة إلى العصابة مع ابن عمها طانيوس بعد موت جدها أبو سعيد وتعود إلى ساقية المسك لتأخذ أخيها طام.

هناك تكتشف زينة من أحد الجنود أن سامي عاصم لم يمت بل انضم هو وشفيق أفندي إلى الجيوش العربية فتتجه إلى بيت إبراهيم بك فاخر وتشجع أهل الساقية على قتله واسترداد أراضيهم وطعامهم فيثورون ويحرقون بيته.

ويقتلونه هو وزوجته.في هذه الأثناء كان سامي عاصم وشفيق أفندي وكامل أفندي يقودون الجيش العربي نحو الانتصار ونحو الحرية والمجد والبطولة.

يتحقق الانتصار فعلا وتدخل الجيوش العربية المنتصرة إلى دمشق وتنتظر زينة سامي ان يظهر بين الحشود،وتتراءى لها صورته خلال لمعان السيوف ويظهر في صهيل الخيل وفي وهج الشمس ثم فجأة اغرورقت عيناها بالدموع، ترى هل أدركت ان حبيبها استشهد وهو في الطريق إلى تحقيق احلامه، الأحلام التي صارت حقيقة تراها من خلال دموعها.

Email