ربما لا يصدق أحد أن عجز الميزان التجاري الأميركي للصين البالغ 233 مليار دولار وغيرها من الأزمات لم يفسد العلاقات الصينية ـ الأميركية بقدر ما أفسدتها شحنة أغذية الحيوانات التي استوردتها أميركا من الصين مما أد إلى مقتل عدد غير محدد من قططها وكلابها مؤخراً.
وهذا ما أثار غضب الأميركيين أكثر من غضبهم على سرقة الصينيين لبرمجياتهم الإلكترونية التي يدفعون المليارات لمبتكريها، بشكل لا يجدون معه سوى ترديد مقولة أن الصينيين «أغبياء» لأنهم لا يجيدون سوى الاستنساخ. ويعترف الكثير من الأميركيين بأن الصينيين غلبوهم في هذا المجال.
وهذا ما أدى إلى اختلال الميزان التجاري الأميركي وهذا شيء مهول بالفعل في جميع المجالات. وعلى سبيل المثال، ما أن عرض فيلم «آيس أيج الجزء الثالث» حتى يدق الباعة الصينيون حاملي الحقائب الأبواب لغرض بيعه لأطفالنا بعشرة دراهم فقط في دبي.
الصين متهمة ب«التجارة غير النزيهة» لأن الصناعات الصغيرة الأميركية كمصانع الأثاث وقطع الغيار تتلقى الضربات الموجعة مما تؤجج مشاعر العداء لديهم. لذا تحولت الصين بين عشية وضحاها إلى عدو خفي بعد أن كانت اليابان عدواً لأميركا في الثمانينيات. ويشعر الخبراء بالخجل وهم يرون كبرى المتاجر الأميركية مثل «وولمارت» مليئة بـ «كل شيء فيه مصنوع في الصين» ولكن المستهلك الأميركي لا يجد فيها ضرراً مثلما يفكر الخبراء.
أظهرت دراسة أميركية مؤخراً أن الواردات الصينية كلعب الأطفال والملابس الرخيصة وفرت لكل أميركي نحو 550 دولاراً سنوياً، أي أكثر مما يوفره الخفض الضريبي وبمعنى آخر، فعلت الصين للمستهلك الأميركي أكثر مما فعلته الحكومة الأميركية نفسها لهم.
وهذا ما ساهم في تضخم العجز التجاري والميزانية الأميركية. لذا يتهم الأميركيون الصينيين بأنهم يعتمدون على «اقتصاد التقليد» دون أن يتحملوا تكاليف التكنولوجيا وبرامج الكومبيوتر المرتفعة. بعض الأميركيين يصف الصين بـ «الشريك التجاري غير العادل» لأن سعر صرف عملته ما زال متدنياً مما يزيد في صادراتها إضافة إلى أن استخدامها للطاقة سيتفوق على استخدام أميركا لها في السنوات المقبلة.
بريطانيا لم تأخذ نهوض أميركا، مستعمرتها السابقة على محمل الجد كما يقول أحد الجامعيين الأميركيين، فهل سلكت أميركا مع الصين السلوك نفسه؟
