هكذا، فإن «وزارة الخوف» (وزارة الدفاع البريطانية) لديها الآن سيدة الخوف، أي السيدة إليزا مانينغهام بولر التي اكتشفت في مكتب جهاز المخابرات الداخلية البريطاني المعروف باسم إم آي-5 ثلاثين «مؤامرة إرهابية» أخرى لبث الرعب في قلوبنا- وجيلاً بأسره من المؤامرات قبل أن ينتهي الاستعراض.

واكتشفت كيف أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير معجب بها. فهو يعلن: «أعتقد بأنها على حق تماماً في قولها إن الأمر سيستمر جيلاً». تماماً، بالفعل. وهي صفة الفعل الأثيرة لدى بلير، التي يسوقها دائماً عندما يعتقد بحق وبصدق وبالطبع إنه على صواب، والتي لا تعادل بالفعل كونه محقاً، فهذا الأمر يحتاج إلى أكثر من الاعتقاد لدعمه.

ما هذا الهراء؟ القبول- وهو ما ليس في استطاعة بلير القيام به، أليس كذلك؟ - بأن الخطر الذي يحدق بنا هو بسبب سياساته الجبانة والكاذبة في الشرق الأوسط (وسياسات سيده وأستاذه في واشنطن) هذا القبول من شأنه أن يقلص هذا البيان الأحدث الصادر عن «وزارة الخوف» إلى عامين فحسب من الإرهاب وليس جيلاً.

ولاحظوا الطريقة التي لا تخلو من التملق التي يحاول بها المسؤولون في وزارة الدفاع أن يدسوا القليل من الحقيقة كي يخففوا من وطأة كل هذه الأكاذيب. ووفقاً لكارليل لورد بيريو فإن الحرب في العراق ليست المتسببة في «المؤامرات الإرهابية» التي نواجهها.

«لا، فمن الجلي الآن أن الوضع هو أنه على الرغم من أن حرب العراق لم توجد مقاومة عنيفة، إلا أنها قد تحولت إلى ذريعة مناسبة لإطلاقها». هلا أعدت ما قلته مجدداً سيدي اللورد؟ والآن، دعني أفهم ما قلته بصورة صحيحة. العراق لا علاقة له بـ «المؤامرات الإرهابية»؟

ـ هذا هو، كما يقول، الوضع الراهن بصورة واضحة. لذا فإن هذه التهديدات لا علاقة لها بالعراق ولكن، في الواقع، نعم، يقول لنا إن الأمر عكس ذلك، لأن مدبري «المؤامرات الإرهابية» يكذبون علينا بشأن الأسباب الحقيقية لما أقدموا عليه.

لاحظوا الخداع الذي ينطوي عليه هذا الأمر. فقد تم السماح لنا بأن نربط العراق بـ «التهديد الإرهابي»، شريطة أن نقوم بذلك على أساس أن مرتكبي تلك الجرائم يكذبون علينا بشأن العراق. إذن ما هي الأسباب الحقيقية لتلك المؤامرات؟ لماذا؟ يتمثل الجواب في أنهم يكرهون «قيمنا»، القيم التي لم يعرها بلير اهتماماً عندما غزا العراق بصورة غير شرعية. وفي بعض الأحيان أتساءل بينما أخوض غمار هذا الهراء ما الذي يفكر فيه العراقيون، الذين يدفعون ثمن حماقتنا عشرات الألوف من الضحايا؟

إنني أفكر في الإرهاب الحقيقي في العراق، الإرهاب الذي يأتي من خلال صندوق البريد أو الذي يلصق على الجدران. الآن ها هي بعض المؤامرات الإرهابية الحقيقية التي ينبغي أن تغرس سيدة الخوف أنيابها فيها، مؤامرات للقيام بالمجازر و«تطهير» مجتمعات برمتها من بيوتها ومدنها على أرضية طائفية.

هذا، بالطبع، هو الجحيم الذي أوجدناه للشعب العربي في العراق، هذا هو كابوس التهديد بالإبادة الجماعية والقتل. كل ذلك بسبب أسلحة دمار شامل غير موجودة. ومع ذلك «سيدة الخوف» تحاول أن ترعبنا. لا أشك في أن هناك «مؤامرات». ولكن في ضوء الكارثة الجهنمية التي ساعدنا في إطلاقها في العراق فهل هذا أمر مفاجئ؟

ترجمة: كوثر علي عن «إندبندنت»