وقفات مع حادثة الطفل ريان

ت + ت - الحجم الطبيعي

تابعت البشرية حادثة سقوط الطفل المغربي ريان في البئر، وهذه الحادثة أشغلت العالم ووسائل الإعلام المختلفة، وقبل ذلك جعلت والديه في تخوف وابتهال إلى الله بأن ينجو، وجعلت مجتمعات العالم في ترقب إلى ما ستؤول إليه الأحداث، فبات الجميع ينتظر خروج ريان من البئر المظلم، ليرى النور من جديد، وبذلت فرق العمل جهوداً كبيرة واستعانت بالخبرات اللازمة للوصول إلى الطفل ريان، وكان كل همهم إخراجه وإسعافه، ولكن مشيئة الله فوق كل شيء، ومن خلال هذه الحادثة أحببت أن أكتب وقفات قصيرة. 

الوقفة الأولى: على الإنسان بأن يدرك أن سنة الله ماضية في خلقه، وهذه الحياة فيها الكثير من السعادة والسرور وفيها الابتلاءات والامتحانات، وفيها الأفراح والأتراح، فعلى المؤمن أن يفوض أمره إلى الله في كل شؤونه وحالاته، وأن لا يجزع ولا يقنط من رحمة الله ولا يسخط، وليعلم أن كل أمر مقدر من عند العزيز العليم، قال عليه الصلاة والسلام: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له». 

الوقفة الثانية: إن في تقدير الله تعالى الحكمة البالغة التي لا تدركها عقول البشر بمختلف مستوياتها، وهذا الكون ماضٍ بتقدير الله ومشيئته، ولنا في قصة موسى والخضر عليهما السلام في سورة الكهف التي نقرؤها كل جمعة العبر والدروس المفيدة، فبدا أول الأمر في خرق السفينة الضرر ولكن كانت النتيجة فيها مصلحة كبيرة إلى آخر القصة، فلذلك يجب على الإنسان أن لا يتعجل. 

الوقفة الثالثة: الدعاء هو سلاح المؤمن في كل حالاته وأحواله، وفي حركاته وسكونه، في السراء والضراء، والدعاء من أعظم العبادات وأجل الطاعات، والله يحب من عبده أن يلح عليه بالدعاء، فكم كشف الله بالدعاء الكرب، وكم يسر على معسر، وبدل حالاً من حال، وقد يتأخر الدعاء أو يستجاب له أو يدخر للإنسان دعاؤه، ولله الحكمة وإليه يرجع الأمر في ذلك. 

الوقفة الرابعة: في هذه الحادثة شاهدنا الكثير قد استغلها ممن اعوج فكرهم وسقم منهجهم، فشاهدنا الجماعات المتطرفة ومنها جماعة الإخوان الإرهابية التي حاولت تسييس هذا الحادثة والمتاجرة بها وهذا ليس بغريب عليهم، فهم من تاجروا فالكثير من قضايا الشعوب وبسببهم سفكت الدماء وأزهقت الأرواح وهدمت الأوطان، فكيف تهمهم حادثة الطفل ريان وهم كانوا سبباً في قتل وتشريد الآلاف من الأطفال فهذه رسالة لكل عاقل، وتاجر بهذه الحادثة غيرهم الكثير من سراق الأموال عبر المواقع والحسابات الوهمية وغيرها، فالحذر من الانسياق وراء الدجالين وأهل المكر والخديعة. 

الوقفة الخامسة: على الآباء والأمهات أن يكونوا قريبين من أبنائهم في حال خروجهم للمتنزهات، وأن لا يتركوهم لوحدهم لاسيما الأطفال، فإن الطفل لا يدرك الأخطار وقد يتجرأ على اكتشاف الأماكن والذهاب بعيداً لقلة إدراكه، فعلى الوالدين أن ينتبهوا لهم وينبهوهم وأن يحرصوا على متابعتهم وأن لا يتركوهم للمغامرات في الأماكن الخطرة ولا للألعاب التي تشكل خطراً عليهم. 

نسأل الله أن يرحم الطفل ريان ويجعله شفيعاً لوالديه، وأن يحفظ أطفالنا من كل سوء ومكروه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

Email