احذر صاحب السوء

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإنسان كائن اجتماعي، لا يمكن أن يعيش منفرداً في معزل عن الناس، ولا بدَّ له من صحبة في حياته، كما أن هذه الصحبة لا شك بأنها تؤثر عليه، لأن الإنسان بطبيعته يؤثر بغيره ويتأثر من غيره، لذلك من الجميل أن يتخير الإنسان لصحبته من يرتقي به ويكون خيراً له في دينه ودنياه. 

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»، فلذلك علينا أن ننتبه إلى من نصاحب، لأن الأصحاب أنواع، منهم من يدلنا على الخير ويأخذ بأيدينا إلى معالي الأمور والأخلاق الجميلة ويقدم النصيحة بمحبة ومودة لأنه يتمنى لنا الخير، فتتحقق للإنسان بذلك السعادة. ومنهم من يهوي بنا إلى وادٍ سحيق، من خلال تزيين الشر وطرق الانحراف، وسبيل المخدرات والمسكرات ورداءة الأخلاق. 

يقول العالم الجليل ابن باز رحمه الله: أخوك من نصحك وذكّرك ونبّهك، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك وجاملك، ولكن أخاك في الحقيقة هو الذي ينصحك والذي يعظك ويذكرك، يدعوك إلى الله، يبين لك طريق النجاة حتى تسلكه، ويحذرك من طريق الهلاك ويبين لك سوء عاقبته حتى تجتنبه.

فالصديق الوفي يقدم لك النصيحة بقلب مشفق محب، يرتقي بأخلاقك وسلوكك ويحرص عليك كما يحرص على نفسه، يمدك بالمشاعر الطيبة والهمة العالية والطاقة الإيجابية بكلماته وأفعاله النبيلة، يحثك ويقربك إلى الخير، ويحذرك ويبعدك عن الشر، فالصاحب الذي لا يدلك على الخير تركه أولى من الاحتفاظ به. 

وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بالريح الطيبة، وبالمقابل وصف صديق السوء بالريح الخبيثة، حيث قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذِيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة».

أخي الشاب.. أختي الشابة، احرصوا على ما ينفعكم، وتخيروا الصحبة بعناية بالغة، لأن لها دوراً كبيراً في التأثير على حياتكم وفكركم ومشاعركم ومستقبلكم، كونوا على وعي وإدراك، فإن من مسؤوليتكم تجاه أنفسكم أن ترتقوا بها إلى مكارم الصفات، وتجنبوها طرق الانحراف. 

وعلى الآباء والأمهات الأفاضل أن يحرصوا على أبنائهم، توجيهاً ونصحاً وإرشاداً، وأن يكونوا بالقرب منهم، وأن يتعرفوا على أصحابهم، مع ملاحظة سلوكهم وأخلاقهم، والتغيرات التي قد تطرأ عليهم، فإن تربية الأبناء أمانة، لا بدَّ على الآباء أن يميّزوا بين التربية والرعاية حتى يؤدوا ما عليهم تجاه أبنائهم، والمهم جداً الجمع ما بين التربية والرعاية حتى يتحقق الخير لأسرنا ومجتمعنا. 

وختاماً أوجه بعض الأسئلة للشاب والشابات لكي يتفكروا فيها:

هل تجد في من تصاحب النصح والخير؟

هل تدرك بأن من يحبك بصدق يدلك على الخير لا على الشر؟ 

هل تفكرت في يوم من الأيام بأصحابك وما هي معادنهم؟

Email