مكتسبات مواسم الخيرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا فرضنا أن هناك رجلاً يوزع المال والذهب والمجوهرات ولكنه اشترط على الناس بأن يقوموا بأمور معينة مقابل إعطائهم الذهب والمجوهرات، على سبيل المثال أن يعملوا أعمالاً طيبة كإماطة الأذى عن الطريق وغيرها من أعمال الخير، هل يا ترى سيحرصون على ذلك ؟، بالتأكيد نعم، ولله سبحانه المثل الأعلى في ذلك بأن جعل لنا مواسم لنتنافس فيها بالخيرات، ونتسابق فيها للحصول على الأجر والحسنات ورفعة الدرجات، فربنا واسع العطاء يتجاوز عن الكثير ويعطي ويثيب على القليل، خزائنه ملأى، فهو سبحانه الرحيم الرحمن بعباده يجود عليهم بأفضاله ولا يرد من دعاه، ولا يخيب من رجاه، فكيف لنا بعد ذلك أن نفرط بهذه المواسم ؟

لقد شرع الله تعالى لنا مواسم عظاماً لنكثر فيها من الطاعات والأعمال الفاضلات، ونقبل فيها إلى رب الأرض والسماوات، وعلينا أن نحرص على مكتسبات هذه المواسم ونستثمرها ونجعلها نبراساً في حياتنا، لننعم بالحياة الطيبة السعيدة. مستحضرين حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم: «افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم»، وقبل أيام كنا في شعبان ورمضان وعيد الفطر وكنا وما زلنا بأيام فاضلة إنها العشر من ذي الحجة ويوم عيد الأضحى وأيام التشريق، وفي هذه المواسم مكتسبات لابد أن نحرص عليها. 

ومن مكتسبات هذه المواسم بأن تعلمنا خلق التسامح والعفو والصفح، وتطهير القلوب من الأحقاد والأضغان والحسد، وأن تكون هذه القلوب على ألفة ومحبة وتقارب، حتى نعيش في هدوء وسكينة. 

وكذلك من المكتسبات في مواسم الخيرات بأن نتعلم منها المسارعة إلى الخيرات، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، واحترام الكبير والعطف على الصغير، وإنزال الناس منازلهم، وأن نكون كالجسد الواحد، نبذل الخير ونحرص على طيب الكلام وأعذبه. 

وفي مواسم الخير تعلمنا قيم البذل والعطاء وقيم الخير وكل أمر جميل، فهذه الأعمال لا تنتهي بانتهاء مواسمها، والموفق من يستمر ويحرص عليها طوال حياته ويجعلها نبراساً له، فلنواظب على هذه المكتسبات، ومن كان حريصاً عليها فليزدد، ومن كان مقصراً فليراجع نفسه، فإن العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات.

Email