الإرهاب وطرق المواجهة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسعى كل دول العالم إلى الحفاظ على أمنها الوطني والإقليمي والدولي، وقد أصبح العالم، لا سيما في وقتنا الحاضر، عالماً صغيراً، فما يحدث في الشرق تجد له أثراً في الغرب، والعكس صحيح. ومن مقتضيات الحفاظ على الأمن الدولي محاربة ومكافحة الإرهاب الدولي والقضاء عليه بكل أنواعه وصوره بشكل جماعي، ولا يمكن أن يتحقق ذلك بالشعارات الواهية، بل يتحقق بالنية الصادقة، والتعاون الدولي، وتكثيف الجهود، وتوجيهها نحو مصادر الإرهاب الذي أصبح الشغل الشاغل للعالم بأسره، بل هو تحدٍّ عالمي.

فشبكة الإنترنت باتت عرضة لسوء الاستخدام على نحو متزايد مـن قبل الجماعات الإرهابية، بهدف التحريض والتجنيد عبرها، ومع ظهور التقنيات الحديثة أصبح من السهل غزو عقول البعض وغسل أدمغتهم وجعلهم أداةً يتلاعب بها الإرهابيون كيفما يشاؤون، والإرهاب مرتبط ارتباطاً كلياً بالخراب وسفك الدماء وانتشار الفوضى، وهو يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، وزعزعة استقرار الدول واضطراب العلاقات الدولية، وإعاقة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية، ويلزم لعلاجه معرفة مصادره أولاً والداعمين الحقيقيين له، وبتجفيف منابعه سيندحر تدريجياً حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولا يكون ذلك إلا بوضع الخطط الاستراتيجية والتدابير الاحترازية.

وتتطلب مواجهة الإرهاب عملاً جاداً يرتكز إلى العمل الجماعي وتبادل المعلومات الاستخباراتية للعثور على مرتكبي التهديدات وتحديد هوياﺗﻬم، وتحديد مواقعهم وفهم استراتيجياﺗﻬم وأهدافهم الأيديولوجية، ولا يمكن القيام ﺑﻬذا العمل الذي يتطلب مهارات عديدة من غير التعاون، وذلك في إطار التعـاون الثنائي والإقليمي والدولي، وتبادل الخبرات.

فالإرهاب لا يزال يمثل أحد أكبر الأخطار التي ﺗﻬدد سلام وأمن الشعوب والدول على حد سواء، والأعمال والأساليب والممارسات الإرهابية بجميع أشكالها ومظاهرها أنشطة تهدف إلى تقويض السلم والأمن الدوليين، وتهدد السلامة الإقليمية للدول وأمنها، ولذلك ينبغي للمجتمع الدولي أن يتخذ الخطوات اللازمة لتعزيز التعاون من أجل منع الإرهاب ومكافحته، كما يجب إدانة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيًّا كان مرتكبُه، وحيثما ارتكب، وأيًّا كانت أغراضه، واتخاذ القرارات العاجلة لمنعه ومكافحته بكل قوة وحزم.

ولدولتنا المباركة الإمارات العربية المتحدة الجهود الصادقة في مواجهة الإرهاب بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وسن التشريعات والقوانين التي من شأنها مكافحة مرتكبي الأعمال الإرهابية والإجرامية، التي تهدف إلى إرساء دعائم الخير والسلام.. والأمثلة على ذلك كثيرة.

وديننا الحنيف ينبذ الإرهاب والعنف جملةً وتفصيلاً، وبجميع صوره وأشكاله، ويرسي دعائم الخير والسلام والمحبة والوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش السلمي والسماحة ويحث عليها، وعلى الأخلاق الفاضلة والأعمال الخيّرة والمبادئ الكريمة والقيم الأصيلة، ويحث على الإعمار وبناء الأوطان ونزع فتيل الصراعات والنزاعات.

ومن أهم الأمور التي يتم من خلالها مواجهة ومكافحة الإرهاب، غرس العقيدة الصحيحة الصافية من الشوائب في أفراد المجتمع، لا سيما الشباب والنشء، لأن العقيدة الصحيحة تؤدي إلى سلامة الفكر والتفكير، وتهذب النفس وتدلها على الطريق الصحيح، ولأنها منبع الوسطية والاعتدال والقيم الراقية والتسامح.

ودور الأسرة كبير في تحصين الأبناء من الوقوع في شباك الإرهاب والتطرف، من خلال المتابعة المستمرة لهم، وإشراكهم في المسؤوليات الأسرية، واستثمار أوقاتهم، لا سيما أوقات الفراغ بما يعود بالنفع عليهم، من خلال عمل الأنشطة التي تنمي مهاراتهم وقدراتهم، وبكل ما هو إيجابي ويصب في مصلحة الفرد والأسرة والمجتمع.

وعلى المؤسسات التعليمية والإعلامية والمختصة في الدول أيضاً أدوار مهمة في تثقيف أفراد المجتمع وحمايتهم من الوقوع في مصيدة الإرهاب، لما تملكه هذه المؤسسات من التأثير المباشر على أفراد المجتمع بمختلف الطرق.

وأحث الشباب على المحافظة على أنفسهم وعدم الانسياق وراء رفقاء السوء، والمواقع المشبوهة التي تغرس في عقولهم الشبهات والشهوات، وأن يتحروا أصدقاءهم بدقة، وأن يختاروا منهم الصالحين الذي يدلونهم على طريق الخير والسلامة، وأن يحافظوا على صحتهم وأوقاتهم، وأن ينموا مواهبهم، وأن يكونوا لبنة بناء في أوطانهم، وأن يحافظوا على أمن واستقرار مجتمعاتهم، وأن يلتفوا حول قيادتهم، وأن يكونوا الدرع الأولى لأوطانهم.

 

 

Email