ميمون بن قيس بن جندل، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ولُقب بالأعشى لضعف بصره، وهو أحد أصحاب المعلقات، سلك في شعره كل مسلك، وذهب به كل مذهب، وكان يُغنّى بشعره.

وفد على الملوك عرباً وفُرساً. قال البغدادي: ولذلك كثرت الألفاظ الفارسية في شعره.

عُمّر طويلاً، وأدرك الإسلام ولم يسلمْ.. وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية (منفوحة) باليمامة، على بعد خمسة أميال تجاه الجنوب من مدينة (الرياض)، وفيها ما تبقى من داره، وبها قبره. مطلع معلقته:

ما بكاء الكبير بالأطلال

وسؤالي وما ترد سؤالي

اختُلف في سبب تسميته بصناجة العرب على أقوال، فقولٌ: لقوة طبعه، وحلية شعره، وقولٌ: لِأَنَّهُ أول من ذكر الصنج في شعره، قَالَ:

ومستجيب تخال الصنج يسمعهُ

إِذا ترجع فِيهِ الْقَيْنَة الْفضل

وفي محاضرات الأدباء: أن معاوية هو الذي سمّاه «صناجة العرب»، يعني أنه يطرب إطرابها.

وهو أحد الأربعة الذين وقع الاتفاق على أنهم أشعر العرب، وقد تقدّم ذكرهم، وهو على ساقة الجاهليين ومقدمة المخضرمين، وكان قد أدرك المبعث، ومدح المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلّم، إلا أنه لم يُرزَق الإسلام. قال:

ألم تَغتمِض عيناك ليلة أرْمَدَا

وبت كما بات السَّليم مُسهَّدَا

وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم خُلَّةَ مَهدَدا

وله البيت الذي وقع الاتفاق عليه أنه أهجى بيت للجاهلية، وهو قوله لعَلقَمة بن عُلاثة:

تَبيتون في المَشْتى مِلاءَ بُطُونكُم

وجاراتكُم غَرثى يَبِتْنَ خَمائِصا

ولما سمع علقمة هذا البيت بكى، وقال: اللهم أخزه، واجزه عني إن كان كاذباً.

ومن أمثاله السائرة قوله:

كَناطِحِ صَخْرة يوماً ليقلعَها

فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

وقوله:

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ منِ التقى

وَلاَقَيْتَ بَعْدَ المَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا