الفن الجرافيتي في دبي

قد يظن البعض أن الفن الجرافيتي غير قانوني في دبي، لكنه مر بمراحل مختلفة، في الماضي، حيث كان يظهر عفوياً على جدران البيوت في الأحياء الشعبية، يحمل رسائل عاطفية أو هجائية مبطنة، خطها مجهولون أو مراهقون، باستخدام بخاخات الألوان أو الفحم، كان المارة يقرؤونها ويبتسمون، أو يتساءلون عن مغزى الحكاية وراءها، فتضفي على المكان لمسة من الابتكار أو إثارة الجدل، خصوصاً حين تكون الألفاظ هجاء لاذعاً.

أما اليوم فقد خرج فن الشارع أو فن الحائط في دبي من إطار العشوائية، ليصبح جزءاً من مشروع ثقافي منظم، بعد أن دعت الإمارة قبل سنوات فنانين من العالم لرسم جداريات ضخمة في أرجاء المدينة، مستوحاة من التراث والتاريخ المحلي، إلى جانب نبض الحداثة، لتضفي هذه المبادرات على شوارع دبي سحراً بصرياً، جعلتها وجهة للزوار الذين يلتقطون الصور أو يتأملون تفاصيلها؛ من جداريات الألعاب الشعبية والمراكب الشراعية، إلى المشاهد ثلاثية الأبعاد على ممشى شاطئ جميرا، وسيتي ووك، وشارع الثاني من ديسمبر (الضيافة)، والسطوة، وعود ميثاء، إضافة إلى الأزقة الضيقة والسلالم التي تحولت إلى لوحات نابضة بالألوان.

ومن يبحث عن هذا الفن المعاصر يجد من الصعب تحديد التاريخ الدقيق له، لكن جذوره قديمة، ولعله متسلسل منذ النقش على الكهوف والحجارة والجبال، كفنون الصخر التي كانت تحمل أخباراً أو توثق حياة، أو أحداثاً، أو ترشد المسافرين، وأحياناً تقدم نصوصاً أو مشاهد فنية، كما هي رؤوس الجبال في رأس الخيمة، والكثير من النقوش التي كشطت في ممراتها الوعرة، تهدف إلى إبراز الطريق من خلال رسم الحيوانات واتجاهات وجوهها إلى الشرق أو الغرب، وجزيرة العرب إجمالاً تزخر بالفن الجرافيتي، فلنقل التاريخي، وفن الصخر، مثل جبل سنمان وجبال جبة في حائل، وجبال نجران وجبال اللوز في منطقة تبوك.. كلها نصوص تعبيرية دينية واجتماعية ورقصات تعبيرية ونذور.

أما اليوم فالفن الجرافيتي يعده البعض جديداً وتعبيراً حراً على الرغم من طبيعته الزائلة، ونيويورك أشهر المدن في العالم، أغلب المواضيع المرسومة على جدرانها تتناول الهجرة والطاقة النووية والفنون، مستخدمين الفحم والطباشر، على الرغم أن بعضها بدت لي صوراً مرسومة على أوراق كبيرة تم إلصاقها بالجدران.

وأخيراً الجرافيتي فن لا ينتمي إلا للفضاء المفتوح، حتى إن انتقل بعضه إلى المتاحف الكبرى، ومعارضها التي ضمت أعمالاً لفناني الشارع.

وبالنسبة لدبي خصصت مناطق قانونية، مثل منطقة القوز الصناعية، حيث يجد الفنانون مساحة للتعبير وعرض أعمالهم لتؤرخ في بيئة حاضنة للإبداع، ويظل الفنان ابن بيئته، وعلينا استيعاب المزيد.