مدائح شوقي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا غرو أن أمير الشعراء المتأخرين أحمد شوقي، وأمير شعره: قصائده الثلاث في مدح نبي العالمين صلى الله عليه وسلم، فقد تميزت بأنواع من الحِكَم، وصنوف من العلم، وكثير من الأمثال السائرة، قلما توجد في مدائح غيره من أصحاب المدائح المشهورين قديماً وحديثاً. وقد بلغ من اعتزاز الأمير بمدائحه أن قال:

قد كان شعري شغل نفسك فافترح

من كل جائلة على الأفواهِ

فاقرأ على «حسّان» منه لعله

بفتاه في مدح الرسول مُباهِ

ومدائح شوقي النبوية الثلاث: الهمزية، والبائية، والميمية؛ قلائد فخر، وَأَكَالِيل غار في جيد الزمان:

ألبَسَه من رائقِ الحُلي ما

يعجِزُ ‌جِيدُ ‌الدّهرِ عن حَمْلِهِ

فالهمزية التي مطلعها:

‌وُلد ‌الهدى ‌فالكائناتُ ‌ضياءُ   

وفم الزمان تبسّمٌ وثناءُ

تفيض بحب عارم، يرتسم في صور مشرقة شتى؛ تتلألأ بهاء وصفاء وسناء؛ فلحظة ميلاد البشير انبثاق فجر جديد، تفجَّر ضوؤه وسطع على الكون والكائنات، فاحتفى به ساكن الأرض والسماء على السواء.

أما البائية التي مطلعها: (‌سلوا ‌قلبي غداة سلا وتابا...)

فتعدُّ من روائعه، رحمه الله، فقد مدح فيها سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم، بأسلوب شائق، ولفظ رائق، ومعنى سابق، ولا عجب في ذلك فشوقي ممن ألين له الشعر، ويسر له فَتْق معانيه، واستخراج جوهره، واستجلاء دراريه! أما ميميته نهج البردة فمطلعها:

ريم على القاع بين البان والعلم

أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

فنلاحظ أن شوقي بدأ قصيدته كما بدأ قبله كل من كعب بن زهير والإمام البوصيري بالغزل، سنة الشعراء القدامى.

Email