في مولد الهادي..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد قرأت قصص الأنبياء، وتصفحت سير الحكماء، في شتى العصور، وغابر الدهور، فلم أجد في ما قرأت بعض ما وجدت في سيرة سيد الأنبياء، محمد، صلى الله عليه وسلم، فلا شرف يذكر، ولا كمال يوصف، إلا كان موجوداً فيه.

أيروم مخلوق ثناءك بعد ما... أثنى عليك الواحد الخلّاق

يريد بذلك الآية الكريمة: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

ولله در الكنعاني نُعمان ماهر شاعر العراق:

يراعة الله هل أبقت لذي قلم لدى امتداحك ما يرضي به الأربا

ومن درس السيرة، علم ما هو الخلق العظيم، الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد شهد بذلك الفيلسوف «مايكل هارت»، حينما عكف على كتب التاريخ والتراجم والسير مدة 25 عاماً، ليخرج منها أعظم العظماء، فإذا به يختارُ محمداً، قدرة وبراعة وحكمة! ويقرر بأنه العظيم الوحيد في التاريخ، الذي نجح في نشر الإسلام -أعظم الديانات- وأصبح قائداً سياسياً وعسكرياً ودينياً ومصلحاً اجتماعياً، وإلى اليوم، ظل أثره باقياً متجدداً!

فتى كملت أخلاقه غير أنه... جواد فما يبقى من المال ‌باقيا

فتى تمّ فيه ما يسرّ صديقه... على أنّ فيه ما يسوء الأعاديا

ثم أكد على اختياره فقال: «إنّ اختياري لمحمد، قد يدهش بعض القراء.. ولكنّه هو الوحيد الذي كان امتيازه متكافئاً على المستوى الديني والدنيوي».

وسئل عن سبب اختياره، فأجاب: إن نجاحه في نشر دعوته، يرجع إلى عظمة أخلاقه.

وقريب منه رأي المستشرق جولد تسيهر -الذي رسم الصورة الأوروبيّة عن الإسلام، يقول: «لم أكن أكذب عندما قلت إنّي أؤمن برسالة محمد النّبويّة.. إنّ ديني أصبح منذ الآن ديانة الكون التي دعا إليها الأنبياء».

والحق، أن جوانب العظمة والكمال الإنساني في شخصيته، صلى الله عليه وسلم، لا يطيق أحد، مهما أوتي من بلاغة وفصاحة وعلم، أن يحيط بها أو يحصيها، وستظل سيرته العطرة مجالاً ثراً، وميداناً فسيحاً للدراسة والتأمل والاقتداء.

Email