وقفة مع كتاب «الساق» ومؤلفه..! 1 ـــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

كتاب الساق على الساق ثاني اثنين من الكتب المهمة والمفيدة في تراثنا العربي تحمل هذا الاسم،أما الأول:«فهو كتاب:»الساق على الساق في مكابدة المشاق«لعبد الله النديم، صحافي خطيب، من أدباء مصر وشعرائها، صاحب جريدتي (التنكيت والتبكيت) و(الطائف)، خطيب الثورة العرابية، وليس هذا موضوعنا..

موضوعنا هو «الساق ‌على ‌الساق فيما هو الفارياق» للإمام اللغوي والأديب أحمد فارس الشدياق، وهو كتابٌ ماتع، سيق في أسلوبٍ قصصيٍّ، ذَكر المؤلف فيه سيرته الذاتية، وما عاناه في دهره، خلط فيه الجد بالهزل، والسجع بالترسل، والعلم بالأدب، وأغرب فيه وأطرب، وذهب في تدبيجه وصياغته كل مذهب، طبع بباريس 1855م.

وعرف عن مؤلفه منذ نعومة أظفاره حبه اللغة العربية وخدمة قضاياها والدفاع عنها، وأغرم بالكلام الفصيح، والقول المليح، وإمعان النظر فيه والتدقيق والتصحيح، حتى أنه ألف كتابه: «الجاسوس على القاموس» وهو انتقاد الفيروزابادي في قاموسه المحيط. ومع أن بعض المحققين لم يوافقه على ذلك. إلا أن الجاسوس نجح أن يكون جاسوساً في كشفه بعض هفوات الفيروزابادي.

وكتاب «الساق» معجم مليء بالألفاظ الغربية التي استعملها الشدياق في الحكاية والمقامة، ووصف رحلاته وأشعاره، وتنقلاته ومقامه، وفيه وصف لمشاهداته، ومبارياته التي سجلها لدى زياراته بعض البلاد العربية.

كتب عن مصر يقول: «مصر بلد الخير، ومعدن الفضل والكرم، أهلها ذوو لطف وأدب وإحسان إلى الغريب، وفي كلامهم من الرقة ما يغني الحزين عن التطريب. إذا حيوك فقد أحيوك، وإن سلموا عليك فقد سلموك. وإن زاروك زادوك شوقاً إلى رؤيتهم، وإن زرتهم فسحوا لك صدورهم فضلاً عن مجالسهم. أما علماؤها فإن مدحهم قد انتشر في الآفاق، وفات فخر من سواهم وفاق».

وقال أيضاً: «وإن من خصائص البيئة المصرية البارزة أن الطربوش فيها يضيق، وأن البرنيطة فيها تتسع وتتسع ثم تتسع». ومن عجيب ما لفتني أيضاً رأيه في المستشرقين «إنَّ هؤلاء (المُسْتَشْرِقِينَ) لم يأخذوا العلم عن شيوخه، وإنما تطفَّلُوا عليه تطفُّلاً، وتوثَّبُوا فيه توثُّباً، ومن تَخَرَّجَ فيه بشيء فإنما تَخَرَّجَ على القسس».

 

 

 

 

 

Email