يوسف اليوسف والنظرية الشعرية..!

ت + ت - الحجم الطبيعي

نذر الناقد الكبير يوسف اليوسف نفسه وحياته للأدب والنقد، وأنفق أجمل سنين عمره وشبابه في بناء مشروع نقدي متكامل يقوم على أسس راسخة، وأركان ثابتة، مما أنتج «نظرية شعرية» متكاملة الأركان والأسباب، واضحة الرؤى والمعالم، تحدث عنها ونَظَّر لها في عديد كتبه التي أربت على الثلاثين كتاباً ، ولعل أهم كتبه في ذلك «ما الشعر العظيم» وهو كتاب أهدانيه مؤخراً ونصحني بقراءته الأديب الناقد الأستاذ الصديق «عامر السامرائي».

كتاب حشد فيه الناقد الكبير-اليوسف- رؤاه النقدية، وملاحظاته الشعرية وفق ما يراه هو من معايير وموازين تبلورت عنده من خلال قراءاته المتنوعة، وثقافته الموسوعية الشاملة، وتضلعه في اللغة والأدب،حاول من خلالها الوصول إلى حقيقة الشعر والنقد معاً.

فتمخض الجبل عن جبال من الفن والجمال!

أول ما يطالعك في قراءة الكتاب؛ أن المؤلف لم يخض هذا المجال الصعب إلا وقد لبس له لَبوسه، وأعد عدته، وحمل أوراقه وطروسه، واستعد لذلك استعداداً طيباً بذل فيه الوسع، وتسلح بكل ما يحتاج إليه الفارس في ساحة الفكر والأدب، من أدوات نقدية، ووسائل أدبية، وطرائق لغوية، وأولى تلك الأدوات والوسائل:«ثقافة عربية إسلامية موسوعية».

وحسبك من هذا أنه جعل بيته ومكتبته ملاذاً لأجيال من المبدعين الفلسطينيين والسوريين والعرب المقيمين في سوريا.. وقد سجل كاتبنا سيرته الذاتية في أربعة أجزاء بعنوان -لا سيما الجزء الثالث-«تلك الأيام» تحدث فيها عن معاناته العلمية والأدبية وبنائه العلمي.

وإذا كنا نتحدث عن ضرورة توفر الثقافة الموسوعية في الناقد والشاعر فإنه لا غنى للناقد عن الذائقة الشعرية «الرهيفة» التي تميز بها اليوسف، ذائقةٌ ما برحت تظهر في كتبه ومقالاته ومحاضراته، وقد أثَّرَت كثيراً في زملائه وأصدقائه وحشدٍ كبير من تلاميذه. ومما يميزه أيضاً تمرسه في دراسة النقد القديم، واستغراقه في دراسة النقد الحديث.

Email