بين الشاعرين: محمود إسماعيل ومحمود شاكر...!

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا ذُكر الشعر والشعراء، ذكروا لك أمير الشعراء أحمد شوقي، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، ولو استزدتهم، لذكروا لك شاعر القطرين خليل مطران، أما الشاعر الفحل محمود حسن إسماعيل، فلا يعرفه إلا قراء الرسالة أو الثقافة أو المقتطف، وغيرها من مجلات ذلك العصر!

وحسبك شاعر وَزَنَهُ شاكر بقوله: «أحد الثلاثة الذين سيبلغوا المرتبة الأولى». وقد فسر ذلك بقوله: «فهو إنسان مرهف الحسّ دقيقه، متوهِّجُ النفس، سريع التلقي للمعاني التي يصورها له إحساسه، وإن إحساسه لينشئ له من هذه الصور والمعاني، أكثر مما يستطيع أن يطيق صبره،... تراه يثبُ وثباً من أَول المعنى إلى آخره لا يترفَّق، كأن في إحساسه روح «قنبلة»... وأما لغته، فقد ملك منها ما يكفيه بقدر حاجة بعض إحساسه، فإذا امتدت يده إلى خزائن العربية التي لا تنفد، وتداخل في أسرار حروفها بالمدارسة الطويلة، وتآمرت -ثلاثتُها- على تسنية الأبواب له، واحداً بعد واحد، حتى يستطع أن يستوي على سَرارة المرتبة الأولى للشعر غير مدافع». ومما يدلك على صدق إحساس أبي فهر من شاعرية «إسماعيل»، وصحة وقوة إيمانه به، وإكباره له حوار الطناحي مع أبي فهر، قال: «وقد سألت الشيخ مرة - وقد قرأ علينا شعراً له - شاكر- هو شجي النغم - لماذا لم تواصل الشعر يا مولانا؟ فقال: تركته لمحمود حسن إسماعيل».

أما إسماعيل، فقد طالت صحبته وملازمته لشاكر، وما فتئ يذكر فضله عليه وأثره فيه - وعندما سئل عن أثر محمود شاكر فيه قال: «لا أستطيع تحديد أبعاد ما حُزْتُه من صداقتي لمحمود، لقد زَجَّ بي إلى الشعر الجاهلي، وأمالني مع الشعر الأموي، وطوَّح بي مع الشعر العباسي، فأحاطني بلُحْمة الشعر العربي وسُداه جميعاً… وأستطيع القول إن شعري قبل معرفتي بمحمود، كان نبعاً هادئاً، فجعله بحراً متلاطماً».

أما نحن فنقول: «لا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه».

Email