شهرزاد في دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيمفونية شهرزاد الخالدة لـ«ريمسكي كورساكوف» تعد من الروائع في التاريخ الروسي، مرت على ذاكرة العالم أجمع، فما إن تُعزف مقدمتها في المسارح والأفلام، تبدأ شهرزاد بالكلام: (بلغني أيها الملك السعيد...)، لتبدأ بالقص، إنقاذاً لنفسها ولبنات شعبها من شهريار قاتل الفتيات، ولأنها امرأة خاصة ومميزة جداً، استطاعت أن تعيده عبر القصص إلى حالته الإنسانية الأولى.

وعلى امتداد عرض سيمفونية شهرزاد في المسارح الكبرى ومنذ تأليفها عام 1880م، حركت أعماق المستمعين ومشاعرهم عبر نغمات الكمان الناعمة القادمة مع صوت شهرزاد، والنغمات السمعية المُخيفة الآتية من صوت شهريار الملك، وأصوات موسيقية أخرى تستند على سردها وهي تصف شراسة المعارك التي تحكيها، والخرافات بشكلٍ حقيقي إلى السندباد والبحر، ويصعد العزف ويهبط مع الآلات المختلفة بألحانها الخفيفة والبديعة الكامنة في آلة الرق، إلى ذروة الإبداع للأوركسترا في أثناء خيال التصور لاحتفالات بغداد.

المؤلف الموسيقي الروسي العبقري «ريمسكي كورساكوف»، صاحب الجذور السلافية الشرقية، حين كان مهموماً بتطوير الموسيقى الروسية، ومنشغلاً بتحديث الفن في بلاده من الموسيقى الشعبية أو الكنسية إلى فن أكثر حداثة، ألّفَ بعد جهد مؤلفته «سمفونية سادكو» وصادكو من الصيد، وهي مقطوعة بحرية استلهمها من أخيه البحار وحياة البحارة، ثم بعد أكثر من عقد قرأ مصادفةً كتاب «ألف ليلة وليلة» فافتتن بشخصية شهرزاد وهي تحكي ببراعة للملك شهريار الذي افتتن بدوره بها وبقصصها، لتأتي سيمفونيته «شهرزاد» التي سحرت العالم، وحركت قريحة الموسيقيين في العالم بتأليفهم مقطوعات جديدة مستوحى من الأدب الروائي والقصصي المؤثر في بلدانهم.

وما أجمل أن تستضيف أوبرا دبي قريباً في مسرحها فرقة «أوركسترا تشايكوفسكي السيمفونية»، وهي فرقة روسية فيها من الموسيقيين كباراً وصغاراً يعدون أساتذة في العزف، وبالطبع لأنهم ضيوف مدينة شرقية مثل دبي، ستكون معزوفة شهرزاد في الصدارة، ويبقى الموسيقي الراحل «ريمسكي» مستشرقاً من دون أن يذهب إلى الشرق يوماً، ليستمع العالم كله إلى مقطوعاته الموسيقية الوافدة خيالاً وإلهاماً من قصص الشرق البعيدة وآدابه العميقة من دون مبالغة.

 

Email