مزحة من العيار الثقيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

مجرد جولة سريعة لا تتجاوز السويعات في شوارع المدينة، ويا حبذا، لو كانت بعد هطول الأمطار، كفيلة بحصد العشرات من الجمل والعبارات، التي عادة من تكتب في تلك الأجواء، على المركبات التي «تحن» مكائنها من التعب، نتيجة مطاردة الأمطار. لتصبح تلك العبارات وسيلة للابتسامة، والتخفيف من معاناة القيادة وقت الزحام والتجوال.

فباتت السيارات أشبه بلوحة إعلانات متنقله، أو دفتر مذكرات، يلفت انتباه المارة بمجرد النظر إليها. تختلف العبارات والكلمات التي يتفنن أصحابها بتسطيرها على زجاج السيارات من شخص إلى آخر، فالشباب عادة ما يكتبون، وينتقون من العبارات، ما يذكرهم بأحداث يحملونها في قلوبهم، والبعض منهم يضعها كإشارة، كي تميز سيارته عن الآخرين. على سبيل المثال، «بوعبيد» يكتب، وبالخط العريض على سيارته التي اكتست بالطين «اصفط يمين، الملكي وصل»، و«سلطان الشن» ينقش الأحرف ليسطر «ارجع ورا، ارجع ورا».

أما سعيد الشاعر، فتجربة الحب التي خاضها مع محبوبته وباءت بالفشل، أثرت في مشاعره وبشكل ملحوظ، فدوّن على الزجاج «من يسكن الروح، كيف للقلب أن ينساه»، وغيرها الكثير. لم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل تطور ووصل إلى ما نشاهده من قيام بعض الشباب في كتابة بعض العبارات، من باب المزاح والطرافة، إلى عمل مقالب في أفراد أسرهم. صادفت وأنا في طريقي إلى مقر عملي، جارنا الشايب «بوصقر»، وهو يقود سيارته على سجيته، ولا يعلم ما كتب على المرايا الخلفية لسيارته «خذوا الحذر، دائماً ما يتسبب في حوادث ويهرب».

فانفجرت مرارتي من الضحك، ولم أستطع السواقة، فتوقفت لألتقط أنفاسي، لما أصابني. وعندما التقيته مساء. سألته عن تلك العبارة، فقال «حسبي الله على ذلك الولد»، فهو دائماً ما يقحمني في مقالب. وآخر يعمل مقلب في أخته التي حصلت على رخصة سياقة مؤخراً، فكتب «أختي كالضبعة، لا تلتفت يميناً ولا شمالاً، انجو بنفسك واهرب». وأخيراً، من الطبيعي للنفس البشرية أن تكل وتمل بسبب كثرة الالتزامات، لذا، فإنها تحتاج فرصة لإزالة هذا الملل، في مشاهدة بعض العبارات الجميلة، ليعود عليها بالإيجاب والسرور.

Email