نقطة.. غيرتني من حاوٍ إلى خاوٍ ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الحاوي» بلهجة إخواننا المصريين هو الشخص العقيم، ولو بحثنا عنها في معاجم اللغة، لحيرت القارئ وأدخلته في حيص بيص من أمره لكثرة مفرداتها، فإن كلمة «حاوي» أعني بها احتواء الشيء والسيطرة عليه.

استميحكم عذراً دخلت بكم في لهجة، وقفزت بكم إلى معجم، وطفت بكم في سكة وزنقة لأكتب ذلك «الخريط».

نعم هي نقطة جعلت الآباء يكدحون ويتعبون ليلبوا احتياجات أسرهم، وكانت قلوبهم لرغبات الأبناء حاوية. وهي النقطة نفسها، التي جعلت الأبناء ينشغلون عنهم ويتعذرون من مجالستهم لأتفه الأسباب، وأصبحت مشاعرهم اتجاه آبائهم من الحنان والعطف خاوية.

نقطة من جعلت الآباء أطباء، يقفون عند مشاكل أبنائهم ومعضلات أمورهم، وأصبحوا كالسور يحمون عوائلهم، فعقولهم بالإرشاد والنصح كانت حاوية. والنقطة ذاتها جعلت الأبناء يفكرون ويطمحون ويقررون دون مشورتهم، ولا الاستئناس برأيهم، فأصبحت أحاسيسهم تجاه آبائهم خاوية.

نقطة جعلت الآباء يشقون ويلهثون، ليوفروا لقمة العيش التي يقيتوا بها أبناءهم، لتجمعهم مائدة بجميع الأصناف حاوية. ونقطة جعلت الأبناء يسمرون ولم يعرفوا من يصحبون، وتركوا الآباء في البيوت وحدهم دون أنيس أو ونيس، فأمست البيوت بذلك خاوية.

هي نقطة جعلت الآباء يسهرون، ويفكرون بأوجاع أبنائهم، فعكفوا على الدعاء والتوسل ليلاً، حتى أصبحت روحهم بالاطمئنان حاوية. وهي ذاتها ترك فيها الآباء وحدهم، يصارعون أمراضهم وانشغال أبنائهم بأسرهم، فجعلتهم من الوعي والإدراك خاوية. هي نقطة من جعلت الآباء يتنازلون عن أموالهم وحقوقهم، لتحقيق رغبة أبنائهم حتى تعسروا، فكانوا للأبناء بنوكاً حاوية.

وتلك النقطة، فيها الأبناء أسرفوا وأفرطوا على كمالياتهم، فتدينوا وتزينوا، حتى أصبحت جيوبهم من الأموال خاوية. وأنا أقول لا نترك آباءنا ولا نجحدهم حقوقهم، ونجعل نفوسهم حولنا راضية. نبرهم ونعطف عليهم، ولا نكون من أهل الهاوية. لعلي وفقت فيما كتبت، ونكون من أصحاب العقول الواعية. فهل أدركتم يا من تقرأون، أن الحاوية تحولت بجلال وعظمة نقطة إلى أشياء خاوية.

Email