هذا ما نطق به جدي.. فهل من مدكر

ت + ت - الحجم الطبيعي

استرقت السمع لحديث دار بين «عبيد هارتوب» مع جده «خميس» وجدته «رويه» آخر من تبقى لنا من الصنف القديم.. كيف عاشوا ماضيهم.. يقول الجد رضينا بالقليل رغم العسر وبما قسمه الله لنا، نفوسنا لم تحمل البغض والكراهية، ولم نعرف الحسد ولا النميمة، عشنا على تمرة وفنجان من القهوة، واجتمعنا على مائدة واحدة.

أكلنا وشربنا ما تيسر لنا من قوت يومنا راضين بذلك حامدين شاكرين، لم نعرف ما هو البرجر والسباغيتي ولم نرتشف الموكا والموهيتو، كنا نقطع الدروب مشياً على الأقدام، ولم نعرف التفشخر بسيارات تفوق قيمتها المليون لنقصم ظهورنا بالديون. سكنا العرشان والبيوت الطينية ولم نتعاقد مع الطليان لعمل الديكورات والمزركشات، لم نعرف البنوك وقروضها، بل كنا نحتفظ بأوراقنا وأموالنا في سحارة تآكلت من الصدأ، وإذا تعسر فلان استدان من صاحبه.. هنا استلبس هارتوب ولم يعجبه حديث الجد خميس وقلب مباشرة على جدته رويه التي أدلت بدلوها كذلك وقالت، حريم أول اشتغلن في جلب الماء وسف الخوص والطبخ وتربية أطفالهن، لم يعرفن الميكرويف والفرن التركي الذي سهل على نساء اليوم الكثير.

لم نعرف الكوشة ولا الدي جي في أعراسنا، ولم تلبس فتياتنا من الفساتين الماركات العالمية، كل ما عرفناه هو ثوب مخور وكندورة مع تلي، سمرنا مع أبنائنا، لا هموم أثقلتنا ولا تفكير أشغلنا. أما جيل اليوم فمعظمهم من انشغل بالتواصل على الواتس والانستغرام، ومنهم من كرس وقته لأخذ اللقطات والصور ليدعم بها صفحته على السناب شات، فانشغلت «شيخوه» بيومها وجعلت روجينا من تدير وتهتم بشؤون بيتها، واهتم «هارتوب وأمثاله» بمتابعة آخر ما أنتجته هوليوود من أفلام في دور السينما متناسياً التزاماته وواجباته تجاه أسرته.

حديث الأجداد هذا جعل هارتوب في حيص بيص من أمره. وأنا أقول لا ننجر خلف رغباتنا دون منطق، ولا نبخل على أنفسنا فنهرطق، فخير الأمور أوسطها، حتى نكون قادرين على تحمل لو جزء بسيط من المسؤولية في عالم تكالب فيه البشر على بعضهم.

Email