صباح الخير لرفاق القلم؛ ومبارك عليكم العرس الثقافي بعودة معرض الشارقة الدولي للكتاب بحلته الاحترازية الجديدة، وهو المعرض الأقرب لقلبي منذ الطفولة، ولكن كما جرى الإِلفُ والعادة، بدأت بعض الكتب «الفنتازية» تحتشد مجدداً على منصات دور النشر، والأغرب بين هذه الكتب هو كيف تصبح كاتباً في أسبوع، أو كيف تكتب رواية في خمسة أيام، وكأن الكتابة وصفة «شوربة»! والمخجل أنني قرأت أحد تلك الكتب في مراهقتي، فلم أصبح روائية ولا مشهورة ولا كومبارس حتى، ولله المنه..!
القصة كلها يا سادة عناوين فارغة تزاحم أحلامنا لا أكثر، وخلال جولاتي بين دور النشر في المعارض، رأيت أيضاً سباقاً محموماً في إبراز الكُتّاب الشباب المبتدئين والدفع بمؤلفاتهم للنور، ورغم الموهبة الواضحة وبضاعة الحروف المزجاة في «بعض» تلك المؤلفات، إلا أن جزءاً من النص يبقى مفقوداً، حيث يصعب تصنيف بعضها، إذ لا تعلم أهي نثر أم قصص أو تجارب، لأن «بعض» دور النشر تلك تشغلها مسألة الكم أكثر من الكيف.. للأسف..!
باعتقادي المتواضع، ليس من المهم أن نقدم مؤلفات الكُتّاب المبتدئين للمجتمع الثقافي بسرعة فلكية، ويذكرني هذا القول بقصة نبات «البامبو» تلك النبتة التي تسقى بذورها من 3 إلى 5 سنوات دون أي نمو واضح، ثم تبدأ تنمو بسرعة كبيرة بعد أن تتشبع، حتى تصبح أطول منك، والموهبة الكتابية كالبامبو تماماً تحتاج للتشبع لسنوات، وكمثال على ذلك، كتب ماركيز روايته العالمية «مئة عام من العزلة» وهو بعمر الأربعين، مؤمناً أنه وجد الرؤية الدقيقة والتقنيات السردية التي يحتاج إليها للكتابة والتأليف وهو بهذا العمر، وطبعاً هي ليست دعوة للتأجيل والتسويف، إنما التريث لبلوغ المقاصد..!
عزيزي القارئ، بعد كل هذه المواعظ آمل أنك لن تبحث عن كتاب كيف تصبح «مثقفاً كامل الدسم» في أسبوع..!