كعك ماري أنطوانيت!

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت في أحد الكتب أن ماري أنطوانيت ملكة فرنسا، كانت تعيش عيشة مترفة منعزلة تماماً عن العالم الخارجي، فقد قيل ذات مرة إن بعض الحراس وجدوا فلاحاً مغشياً عليه من فرط الجوع، فأتوا به إليها، فأشفقت عليه، وقالت له يا سيدي: يجب ألا تتبع هذا الريجيم القاسي، فأخبروها أن الفلاح لم يجد خبزاً يأكله مدة أسبوع، فقالت مستنكرة: لماذا لم تأكل «الكعك»؟

يبدو أن ستائر قصر فرساي الفاخرة لم تحجب النور الساطع عن القصر فحسب، بل أيضاً حجبت الوعي عن ماري أنطوانيت، فظاهرة الفقر والجوع لم تكن من ضمن مخزونها الإدراكي، فنزعت حالة الجوع من سياقها الحقيقي «الفقر»، وربطتها بالأسباب التي تعيشها «الرجيم، والكعك بدل الخبز».

أتساءل أي ستائر تحجب بصيرتنا.. وإدراكنا.. وروحنا اليوم؟

في إحدى المنصات الفكرية على مواقع التواصل الاجتماعي، تم وضع صورة ملهمة لطفلة تلبس قناعاً يبدو أنه للوقاية من الغازات، فطُلب من كل متابع أن يكتب وجهة نظره حول الصورة، الكل بدأ يدلي دلوه انطلاقاً من عدة اعتبارات، كالثقافة ومخزونه الأدبي، قرأت نصوصاً كثيرة ورصدت رؤى متناقضة، استغربت منها كثيراً، وسخرت -حقيقة- من بعضها، ورغم أني وجدت تشابهاً عاماً بين أولئك الأشخاص في سمات وخصائص كثيرة، إلا أن أحداً منهم لم يرصد حالة الخوف التي جعلت تلك الطفلة تتشبث بأظافرها الصغيرة بالجدار، بكل ما أوتيت من قوة!.. لم يرَ أحد الخوف..، وكم من المخيف حقاً ألا تكون مشاعرنا الإنسانية «إنسانية»، فالبعض وصفها بأنها طفلة مترفة، لأنها تملك قناعاً، غير آبهين بأنه قناع ورقي غير مجدٍ، صنعته لتحمي نفسها من «كورونا»!!!

صحيح أن لكلّ طريقته في إدراك المواقف، إلا أن الإدراك حالة ذهنية تتوهج بالحدس والإنسانية، وتنمو بالإحساس، ومع تبدل الأحوال.. ألا نحتاج إلى أن نصوم عن كعك ماري أنطوانيت؟

 

Email