من «أخبار دبي» إلى «البيان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين أصدرت إمارة دبي الطبعة الأولى من مجلة «أخبار دبي» عام 1965م ظلت تصدر من خلالها أخبارها المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى الأخبار الأخرى، لتعكس المجلة حينها وجه دبي الاجتماعي الجديد والاقتصادي النامي، ليمتد الإصدار إلى خمس عشرة سنة، فحين أقفلت المجلة أبوابها في عام 1980م رفرفت بالمقابل صحيفة البيان اليومية أوراقها البنية لتحل محلها.

منذ أيام، احتفل الزملاء والزميلات بعيد ميلاد «البيان» الثامن والثلاثين، وقد تلقيت هدية جميلة بهذه المناسبة تمثلت بعدد قديم من مجلة «أخبار دبي» تفضل بها عليّ مشكوراً الأستاذ محمود حبيب آل رضا، الذي كان والده د. حبيب طبيباً خاصاً للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله.

المجلة ذاكرة إعلامية هامة في تاريخ دبي المعاصر، والتي لم تكن تأتي أُكُلَها لو لم تجد أرضها الخصبة مما تهيأ لها من موظفين ومشاهد وصور ومطابع.

كما أحب أن أشير هنا بأنه وأثناء تصفحي لهذا العدد القديم والجميل في ألوان صوره، لفت نظري خبر مدرسة البنات الأولى بدبي، والتي كانت تسمى مدرسة خولة الابتدائية، ومدى الإقبال الكبير لبنات دبي أثناء افتتاحها وفي سنتها الدراسية الأولى لها بين عام 1958 ـ 1959م ليبلغ تسجيل الفتيات العدد 115 فتاة، بعد أن كان التعليم مقتصراً على الذكور فقط.

والأجمل صعود الرقم في السنة التالية للتسجيل إلى 235 فتاة، خاصة بعد افتتاح التعليم المتوسط للإناث، لأجد صوراً نادرة لتلك الحقبة، والتي هي في الحقيقة تعد صورة الفتاة المشرقة أمام الحياة في زواياها الناعمة وأمام العلم الشاهد لهويتها الفكرية المبكرة، لتمنحنا نحن اليوم شعوراً بالحرية أمام وجه العالم آنذاك ومن منتصف القرن العشرين حتى هذه اللحظة.

في تلك الصور كنت أنظر بشغف لجدائل الشعر في طابور الصباح، وكيف يؤشرن إلى الحروف على اللوح، وكيف يغزلن الخيوط في درس التدبير، ودروس التربية الفنية بلغتها العالمية، وكيف تجلس فتاتان على مقعد واحد، لتؤشر الصورة إلى مدى هذا الاكتظاظ والإقبال غير المتوقع.

مجلة «أخبار دبي» بصورها التي تعد نادرة اليوم، كانت تمضي في مسيرتها التنويرية لنهضةٍ أخذت تصعد بفتياتنا إلى الكشافة ومساكن المعلمين، مروراً بالمصارف وبلدية دبي إلى البواخر والشرطة، وأن مطار دبي سيكلف دبي مليون روبية، إلى رواسب الزيوت، إلى رصد أخبار الكهرباء والبريد والجمارك حين كان النقد المتداول هو «الروبية»، وأخيراً اكتشاف البترول الذي ساعد الإمارة على نهضتها.

أن تقلب صفحات مجلة «أخبار دبي»، والتي كانت تصدر بصور ملونة وأوراق بدت ناعمة وشاحبة، بحاجة إلى حرص شديد أثناء التصفح في رائحتها السالفة، تعد من الثوابت في تاريخ الصحافة لإمارة دبي لتكمل مسيرتها صحيفة البيان وتؤصل الخبر.

Email