منتدى أبوظبي للنشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

حرصتُ على المشاركة ككاتبة في ملتقى النشر بأبوظبي، الذي تنظمه دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، والحق يقال عن مدى تميز مشاريع هذه الدائرة النشيطة كخلية نحل، وبرامج بعناوين ماهرة ومشرقة تهدف إلى تعزيز دور الثقافة والمعرفة في مجتمعنا.

من خلال تجربة دولتنا في صناعة الكتاب، ومدى تبجيل هذا الدور خلال السنوات الماضية، لنتساءل اليوم، هل كان النشر محركاً لعملية القراءة لدى القراء الذين ما زالوا يطلبون المزيد من المنشورات؟ وإلى أين نريد الوصول في عالم النشر نحن ككتاب طموحين؟

أصبح النشر الآن في متناول الجميع، وقد ساهمت الإنترنت في نشر الأعمال السيئة والجيدة، لكن يبقى الناشر ناشراً يقدم ميثاقاً يقوم على دراسة الجدوى، وقياس الاحتمالات الخطرة، فالدار تريد أن يكون للكتاب معنى، فتتحدى ميزانيتها المحدودة، بالتعاون مع مستشارين ولجنة قراءة، ومصحح لغوي، ناهيك عن تمكن الناشر واحترامه للإنسان وهو يراقب نفسه في الإنتاج، بحيث يكون النشر لائقاً به، ليديرها من الألف إلى الياء، ويمول صناعة بأكملها من المهنيين من خارج الدار وداخلها.

واليوم في هذا الملتقى أردت طرح مهنة المحرر الأدبي والتي أعتبرها من أهم الوظائف، متى سيكون له وجود في العالم العربي؟ فالمحرر وظيفة مختلفة عن كل الموظفين الذين تم ذكرهم، لأنه من أولئك الذين ينقذون الكتاب بغربلتهم له، فمن الطبيعي أن يقع المؤلف تحت وطأة السرد المنسي، يفرط هنا، ويتوقف هناك..

يأتي المحرر الصريح ويناقشه في حاجة الكتاب لاختصار أو لإضافة، وأن ذلك المشهد غير مقنع أو مبالغ، أو أن الحوار طويل للغاية.. فلا أحد سوى المحرر ينقذ الكتاب من المشاهد الثقيلة في خداعها، ومن القوالب النمطية، خاصة أن الأفكار الفريدة لم تعد متوفرة في الكتب، وتفتقر إلى التفرد، كما أن المفردات المستخدمة باتت سيئة. ودور النشر إن أخذت ترفض هذه الأعمال لضعفها، فسيؤدي بالناشر إلى الإفلاس وبالتالي إلى إغلاق الدار.

التحرير مساعدة ثمينة، يمنح جودة المنتج، وتُثبت صحة النسخة النهائية قبل الذهاب إلى المطبعة، ألا يستحق الناشر والكاتب محرراً لكليهما؟ ولكيلا يخسر الناشر الذي لم يعد الآن هدفه الوحيد خلق العمل الأدبي والعلمي أو الفكري، فهناك تكلفة التسويق أيضاً، فالدور بشكل عام تخسر، وبعضها باتت مهددة.

لذا لا مفر إلا بطلب الراعي التجاري بعد الموافقة على العمل، لتفادي هذه المغامرة من الخسائر، وتحقيق حلم النشر لصغار المؤلفين بأن تكون لهم مساحة ولو صغيرة في دنيا الكتابة، بدفعهم إلى هذا العالم بعد التحرير الأدبي والدعم التجاري للتوزيع، الذي ينطوي على الكثير من المخاطرة بلا مال، ليبقى الدعم فرصة تعزز بها الشركات التجارية الخاصة دور الكتاب مقابل وضع علامتها التجارية الصغيرة، فينقذ الناشر والكاتب والكتاب.

Email