إطلالة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الإطراء وردُ الكلمات، وسحر الخطاب، وملاحة القول، لكنه يُفهم في العادة -إن كان موجهاً لقائد- أنه مدحٌ وتملق، أو في أقل وصف لمن كَتَب أنه حيال المجاملة المتكلفة من كاتب مُتصنع كي يخلق التزلف. لكن الحق يقال بأن الإباء والكرامة أيضاً تجد منفذها بحب في شخصيةٍ مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وما أعنيه هو في إطلالاته الخلاقة كل حين، تلك الإطلالات المشرقة في آفاقها والمتجددة في تكوينها، والمتغيرة في إبداعها...

فالحضور الأدبي الشعري للشيخ محمد بن راشد باهر في كل قصيدة، كونه ينقل لنا رأياً من خلال نص إبداعي، إضافة إلى الحضور الآخر في إبداعه البنياني وابتكار كل ما هو حداثي وجميل، لأربط بين هذين الحضورين.

بين الأدب والعمران ازدهرت أجمل المدن التاريخية في الحضارات السالفة، وحين نقرأ السبب، فذلك كان مرتبطاً ليس بحاكمٍ مُحبٍّ لمدينته فقط، بل لأنه كان له حس حضاري وإبصار فني مختلف، وببساطة، فمن اليقين أن البناء يستطيع أن يقوم به أي حاكم، لكن إن خلت هذه الصروح من روحٍ مبدعة، فإنها تبقى دياراً بلا روح.

الأمر الذي يبقى على الدوام ازدهار البلدان المتفردة في تشييدها مرتبطة بإبداع حاكم له حس ثقافي ورؤية فنية مختلفة، مع الكثير من الشجاعة، فلولا كل ذلك، فلن نرى سوى مدينة مُقلدة، فأجمل ما يرجحه الشيخ محمد بن راشد في التقدم والنهضة إلى عاملٍ مهم وهو الثقة بالمستقبل، ليشد على أيدي أبنائه بمحبة.

ما أراه وبصورة دائمة في الشيخ محمد بن راشد أنه ينظر بعينٍ ثالثة على الدوام في كل ما يفعل، عين الحاكم، وعين الشاعر، وعين الفارس... فحتى حين أصدر كتابه «تأملات في السعادة والإيجابية» الذي يصب كل شروحه في المراقبة والتبصر والتمكن والدقة والتقصي، يتضح من صميم نصوصه، نفوره من الضرر، وتجنبه الاستهانة ومراقبة التغافل، وبالتالي تعكس شخصيته التي نعرفها كابن لإمارة تتجدد في حسنها، يريد لها الخير مثل والده المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والدنا جميعًا، ليجعل من هذه المدينة الحيوية، جامحة وطامحة، وبالتالي نابضة بخورها المائي الذي يتسع تتابعًا.

في دنيا الطامحين لا ينعكس النحت إلا على روح النحات، والإبداع إلا على رؤى المبدع، ولا ينعكس الحاكم الفاضل الواعي واليقظ إلا في شخصية الشيخ محمد بن راشد، سواء كشاعر مُحب يطرح قصائده وما فيها من أفكار توطد صبر مسيرته، أو يفسر موضحًا دون ذلك التأويل الذي يصف نفسه بنفسه، ليأخذ مأخذًا حسيًا في ذات الوقت حين تعكس العروبة في شخصيته كفارس لا يكبح لجامه ولا يترجل، بل يبقى راجلاً فوق فرسه، يطلق العنان ويبيحها ثم يمدها في الأفق.

Email