أسباب الأسماء 2-2

اشتهر الشعراء بألفاظ معينة لازمتهم مدى الحياة، وقال صاحب العمدة «ابن رشيق»: «وطائفة نطقوا في الشعر بألفاظ صارت لهم شهرة يلبسونها...».

ومنهم دِعْبِل الخُزَاعي (توفي 246 هـ)، قال عنه ابن خلِّكان في ترجمته: «كان بذيء اللسان، مولعاً بالهجو والحطّ من أقدار الناس، وهجا الخلفاء؛ الرشيد، والمأمون، والمعتصم، والواثق»، فكان يقول: «لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك!».

ودِعْبِل الخُزَاعي واسمه عبد الرحمن، لكن لقبته دايتهُ لدعابة كانت فيه، فأرادت تسميته ذعبلاً فقلبت الذال دالاً.

ومنهم كذلك أحمد بن علي بن محمد الكناني (577 هـ)، شاعر مجيد من أهل إشبيلية. اتهم في صغره بسرقة الشعر، فغلب عليه لقب (اللص) وشعره (مدوّن).

ومنهم مسلم بن الوليد (توفي 208 هـ) المعروف بصَرِيع الغَوَاني، وهو شاعر غزل، أول من أكثر من (البديع)، وتبعه الشعراء فيه. نزل بغداد، فأنشد في الرشيد العباسيّ قوله:

هلِ العيشَ إلا أنْ تروحَ مع الصبا

وتغدو صريعَ الكأسِ والأعينِ النجلِ

فلقّبه بصريع الغواني، فعرف به. فهجاه بعضهم فقال:

فما ريح السَّذَابِ أشد بغضا

إلى الحيات منك إلى الغواني

قال الجاحظ: «والأفاعي تكره ريح السّذاب والشّيح، وتستريح إلى نبات الحرمل».

ومنهم مُجتني المروءة، وهو عبد الله بن أحمد الحنفي، وكان صديقاً لابن المقفع، وإنما لقب بذلك لكثرة ذكر المروءة في شعره وقوله:

لا تحسبن أن المرو... ءة

مطعم، أو شرب كاس

أو في الولاية والموا... كب

والمراكب، واللباس

لكنها كرم الفرو... ع،

زكت على كرم الأساس

وقوله أيضاً:

ليس المروءة بالدراهم

بل المروءة بالمكارم.

ومنهم عُوَيْف القَوَافي (توفي 100 هـ)، وهو عويف بن عيينة. وسمي بذلك لأنه قال:

سأكذبُ منْ قد كان يزعمُ أنني

إذا قلتُ قولاً لا أجيدُ القوافيا