في كل مجتمع إنساني، تتعدد الميول وتختلف الأولويات بين أفراده، وهو تنوع طبيعي لا يحمل في طياته خطأً أو خللاً، بل يعكس ثراء التجارب البشرية وتباين الطبائع. غير أن هذا التنوع يكشف أيضاً عن تمايز في السلوك والقيم، يُبرز دور التربية كعامل حاسم في رسم ملامح المجتمع واستقراره.
ففي جانب المشهد، نجد الفئة الإيجابية التي تنبض قلوبها بالمشاعر الخيّرة والضمير الحي، وتشعر بالمسؤولية تجاه الآخرين دون انتظار رقيب أو قانون. هؤلاء هم أبناء التربية السليمة التي غرست فيهم قيم الاحترام والانضباط، وهم غالباً من يشكّلون العمود الفقري لأي مجتمع مزدهر، لأنهم يدفعون عجلة التنمية ويصونون النسيج الاجتماعي.
وفي المقابل، تظهر فئة أخرى لا تلتزم بالنظام إلا تحت وطأة القانون، تمضي في مسارها ما دام الردع حاضراً، لكنها سرعان ما تنحرف إن وجدت ثغرة أو ضعفاً في تطبيق النظام. ورغم محدودية حجمها، إلا أن أثرها قد يكون مضاعفاً عند غياب الوعي والتربية الرادعة. وأما الفئة الثالثة، فهي الأقل عدداً لكنها الأخطر، إذ تخرج عن كل سياق قيمي أو قانوني، لتسلك طريق الجريمة والتمرد على المجتمع، وتشكل تهديداً مباشراً لأمنه واستقراره.
من هنا، تبرز أهمية التربية كأساس في بناء المجتمعات المتوازنة. فالأسرة والمدرسة ليستا مجرد مؤسستين للتنشئة، بل هما خط الدفاع الأول ضد الانحراف والانهيار القيمي. إن الجريمة قد لا تختفي تماماً، لكن بالإمكان تقليصها إلى أدنى حد عندما يكون الإنسان قد تربى على القيم الصحيحة والضمير الحي.