في ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة وارتفاع تكاليف المعيشة، باتت الثقافة المالية للأسر عنصراً أساسياً في بناء المجتمعات المستقرة والمستدامة.
وقد أدركت دولة الإمارات مبكراً أهمية تعزيز الوعي المالي داخل الأسرة، فتبنّت استراتيجية شاملة تجمع بين التعليم، التمكين، والمبادرات المجتمعية لترسيخ المفاهيم المالية السليمة في وجدان الأفراد منذ الصغر.
لقد اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، برنامج «الثقافة المالية للأسرة»، مؤكداً أهميته، حيث قال سموه: «هدفنا أن ينعم كل بيت إماراتي بالتماسك الأسري والاستقرار المالي.. والوعي بالمستقبل وأدواته».
إن برنامج الثقافة المالية للأسرة الذي يندرج ضمن برنامج الشيخة هند بنت مكتوم للأسرة، جاء ترجمة لتوجيهات القيادة بأن يكون تمكين الأسرة الإماراتية وترسيخ تماسكها واستقرارها أولوية ضمن سياسات وخطط جميع الجهات.
فالثقافة المالية تبدأ من قدرة الأسرة على إدارة دخلها، وترشيد إنفاقها، والتوفير للمستقبل، والتخطيط لمواجهة الطوارئ. ولهذا السبب، حرصت المؤسسات الحكومية في الإمارات على تقديم برامج متنوعة تستهدف رفع مستوى الوعي المالي لكل فئات المجتمع، وخاصة الأسر.
ومن أبرز الخطوات التي اتخذتها الدولة، إدخال مفاهيم التربية المالية في المناهج التعليمية، حيث يتعلم الطلبة أسس الادخار، ووضع الميزانية، والتعامل مع البنوك، مما يزرع لديهم فهماً مبكراً للمال كأداة للحياة، لا هدفاً بحد ذاته.
كما أطلقت جهات مثل مؤسسة التنمية الأسرية وصندوق الزواج ورش عمل موجهة للأهالي حول التخطيط المالي قبل الزواج، وأسس إدارة الدخل المشترك، وأهمية التفاهم المالي في استقرار الأسرة.
أما على صعيد المبادرات الوطنية، فقد قدّم مصرف الإمارات المركزي برنامجاً توعوياً شاملاً للتثقيف المالي يستهدف الطلاب والأسر والأفراد من مختلف الأعمار. يشمل هذا البرنامج محتوى تفاعلياً وتطبيقات عملية تساعد على فهم السلوك المالي، والتمييز بين الحاجة والرغبة، والتخطيط للادخار والاستثمار.
كما أطلقت الدولة عبر صندوق التقاعد مبادرة «الادخار الوطني» لتشجيع الأسر على التخطيط المالي لما بعد التقاعد، وضمان دخل مستقر في المستقبل.. إن ما تقوم به الإمارات في هذا المجال ليس مجرد حملات توعوية، بل نهج وطني متكامل يعزز من جودة الحياة، ويحقق الاستقرار المالي للأسر، ويهيّئ المجتمع لمواجهة التحديات بثقة ووعي.