في خطوة تربوية متقدمة، قررت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، إطلاق سياسة جديدة تلزم رياض الأطفال من مرحلة ما قبل الروضة «التمهيدية»، إلى مرحلة الروضة الثانية، بتدريس اللغة العربية لمدة 240 دقيقة أسبوعياً، في إطار استراتيجية تهدف إلى تعزيز الهوية اللغوية والثقافية للأطفال منذ سن مبكرة.
هذا القرار لا يحمل فقط بعداً تعليمياً، بل يعكس وعياً عميقاً بأهمية اللغة في بناء الهوية والانتماء، ويستند إلى أبحاث ودراسات حديثة، تؤكد على ضرورة تعليم اللغة الأم في المراحل الأولى من الطفولة.
تشير دراسة أجراها الباحث عبد الله الدنان، إلى أن السنوات الـ 5 الأولى من حياة الطفل، هي المرحلة الذهبية لتعلم اللغة، حيث يكون الدماغ في أوج استعداده لاستقبال المعلومات اللغوية.
وأكدت منظمة اليونيسكو في تقاريرها الدورية حول التعليم المبكر، أن تعليم الطفل لغته الأم، يُعدّ أساساً لاكتساب المعارف والمهارات المستقبلية، ويرتبط مباشرة بالنجاح المدرسي والاندماج الاجتماعي. وتشير المنظمة إلى أن تجاهل اللغة الأم في السنوات الأولى، يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي، وانفصال ثقافي ونفسي عن المجتمع.
ومن المهم أيضاً تأهيل الكوادر التعليمية، وتزويدهم بأدوات تعليم حديثة، ومواد بصرية وصوتية جذابة، إلى جانب إشراك الأسرة في العملية التعليمية، لضمان الاستمرارية والتكامل في دعم اللغة داخل وخارج الفصل.
إن تعزيز اللغة العربية منذ الطفولة، ليس ترفاً ثقافياً، وهذا ما تفعله دولة الإمارات، بجعله ضرورة استراتيجية، في زمن تتراجع فيه مكانة اللغة العربية، في ظل العولمة، وإذا أردنا بناء أجيال تعرف من هي، وتُجيد التعبير عن نفسها بثقة واعتزاز، فإن البداية لا بد أن تكون من اللغة.