قدس بلا مقدسيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسرب إسرائيل عن نيتها فصل الأحياء العربية المقدسية، عن القدس المدينة، بحيث تعود هذه الأحياء التي يسكنها العرب الفلسطينيون إلى الضفة الغربية التي تحكمها السلطة الوطنية الفلسطينية.

سر التسريبات الإسرائيلية يعود إلى أن عدد الذين باتوا ينفذون عمليات طعن ضد الاحتلال من هذه الأحياء المقدسية بارتفاع، فلم تجد إسرائيل حلاً لإثارة خوف المقدسيين سوى التهديد بإخراجهم جماعياً من القدس، عبر فصلهم عن بلدية الاحتلال في القدس، وضمهم إلى الضفة الغربية.

هذا تهديد يراد منه إخراج ربع مليون فلسطيني يعيشون في المدينة المحتلة، وبحيث يتم تهويد المدينة كليا، وإلغاء أي مظهر عروبي إسلامي لها.

ارتداد القرار إذا تم يعني أيضاً، عزل المسجد الأقصى، الذي سيصبح وحيداً وجاهزاً لافتراس إسرائيل، لأن السوار الشعبي الذي يمثله المقدسيون من حيث إحاطة المسجد والدفاع عنه والمرابطة فيه، والصلاة، سوار سيتم كسره بهذه الطريقة.

هدف إسرائيل هو بث الذعر بين المقدسيين من أجل إطفاء نار الغضب في القدس، وهذا مجرد احتمال، لأن إسرائيل عليها أن تتوقع بالمقابل موجة اضافية من الغضب ضد الاحتلال، رداً على هكذا مخططات. ثم ان العمليات الفلسطينية ليست حكراً على المقدسيين، فالخليل التي تعتبر ضمن الضفة الغربية تشهد الحوادث الأكثر تأثيراً ضد الاحتلال، وهي أصلاً تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية، وليست ضمن القدس، وبرغم ذلك تشتد فيها العمليات يوماً بعد يوم.

إذا كان سيفاً مسلطاً على رقبة الاحتلال فهو الديموغرافيا، لأن عيش الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية، وعدم هجرتهم، يلعب دوراً في عدم إتمام مخطط التهويد، فالأرض عربية هنا، ولو عادت الأيام بالاحتلال إلى ما قبل عام 1948، لما تركوا فيها فلسطينياً واحداً، ولتأكدوا عند قيام دولة الاحتلال، من تهجير كل الفلسطينيين.

بقاء الفلسطيني على أرضه، إفشال للتمدد الإسرائيلي، وهو أيضاً بقاء بحاجة إلى رعاية من أجل أن لا يتعب الناس تحت وطأة الفقر والبطالة والسجون والملاحقات وخطط التهويد أو تطويع الأنفس على قبول الاحتلال.

القدس من دون مقدسيين تتحول إلى مجرد مدينة أثرية.

Email