إيلان الكردي

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت في أحد المواقع الإلكترونية، حواراً لأحد المصورين الفوتوغرافيين، حكى هذا المصور عن بداية عشقه لعدسة الكاميرا، وكيف تطور هذا العشق ليصبح أحد المحترفين في هذا المجال، حيث التقط هذا المصور، والذي لا أرغب في البوح باسمه، لا لشيء، سوى أنه ليس المقصود من هذا المقال، عشرات الآلاف من الصور تنوعت ما بين جمال الطبيعة والسعادة والحزن والفشل والنجاح، إلا أنه ما زال يبحث عن صورة يلتقطها ليجسد بها مأساة إنسان هذا الزمان، وينقل من خلالها لكل إنسان شخصه الإنساني في هذا القرن اللا إنساني، تساءلت مع ذاتي.. أين هذا المصور من الطفل السوري الذي أشعلت صورته مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزة المحلية والعربية والعالمية، وهو ملقى على شاطئ بودروم، بعد أن جرفته مياه البحار لتلقيه ميتاً على الشاطئ... ما أصعبها حين تسلب الطفولة وهي حية، ثم تموت دون أي ذنب اقترفته.

طفل عاش ويلات الحرب، غيبوا عنه صوت العصافير، ليسمعوه بدلاً منها دوي المتفجرات، وخاض هولات البحر، بكى وهو يودع وطنه، ترك منزله وألعابه، مات من مات من أهله، ظن إيلان أن هناك وطناً سيكون أرحم عليه من وطنه، وأنه سيجد إنساناً آخر غير هذا الإنسان الذي دمر وطنه.

ألا تكفي صورة إيلان أن تخبر هذا المصور وكل إنسان عن حالنا هذه الأيام، كأن البحر يريد أن يخبرنا، كم كان أحن وأرحم على إيلان من الإنسان ذاته، كم هو مسكين هذا البحر، حين ظلموه بوصفه «غدار»، كيف له أن يكون غداراً، وهو من أبى أن يبتلع إيلان في جوفه، فألقاه لأهله من بني الإنسان.

إيلان، هذا الطفل الذي فارق الحياة ووجهه ملامس الرمال، وكأن جسمه الطري يحكي حكاية خذلان، ومأساة شعوب جسدها جسد هذا الطفل، وواقع مرير كان حلم هذا الطفل فيه أن تتصافح شعوب العالم جمعاء، وأن تعدم لغة الدماء، وأن يصبح له أصدقاء في كل بلاد العالم.

Email