عودة للعدو السابق

ت + ت - الحجم الطبيعي

بمناسبة ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2001، سُئلت في لقاء تلفزيوني، من أكثر المتضررين من انهيار الاتحاد السوفييتي؟، واندهش مضيفي عندما أجبته بأن الولايات المتحدة هي أكثر المتضررين، فشرحت له كيف بنت أميركا دولتها العظمى وتوسعت ونشرت أكثر من ألفي قاعدة عسكرية في مختلف أنحاء العالم، وباعت سلاحاً بتريليونات الدولارات في سنوات الحرب الباردة..

وضمت أوروبا تحت جناحيها وفرضت الهيمنة والنفوذ على أكثر من نصف دول العالم خوفاً من الخطر الشيوعي الأحمر، لقد كان العدو السوفييتي بمثابة الدجاجة التي تبيض لأميركا ذهبا، وبعد انهياره كان لابد على واشنطن أن تجد عدوا آخر بنفس القوة العالمية لتستخدمه فزاعة تخيف به العالم، وتثبت نفوذها وهيمنتها قبل أن ينفض الآخرون عنها بعد غياب الخطر السوفييتي، ولم تجد على الساحة مِن الدول مَن يصلح لهذا الدور العالمي..

الأمر الذي دفع اليمين المحافظ الأميركي صانع السلاح والحروب إلى صناعة العدو البديل، فكان الإرهاب الدولي، وكانت أحداث 11 سبتمبر لحظة الإعلان عن العدو الجديد وانطلاق الحملة الأميركية العالمية على الإرهاب الدولي، لتعود آلة الحرب تدور وتدر المليارات من الدولارات لخزائن تجار السلاح والحروب.

لكن الإرهاب الدولي (المصطنع) لم يحقق النتائج المرجوة من ورائه، بل زاد من مشاكل الولايات المتحدة وأزماتها وتراجع مصداقيتها، وبات الكثيرون يشكون فيمن وراء الإرهاب وفي حقيقة أحداث 11 سبتمبر التي لم يجر فيها أي تحقيق حتى الآن، رغم إلحاح الكثيرين في واشنطن، هذا في الوقت الذي عادت فيه روسيا (بوتين) تسترد قوتها وتمارس دورها على الساحة الدولية، وتزعج واشنطن وتجذب البساط من تحت أقدامها في مناطق هيمنتها، وخاصة في أوروبا الغربية.

لقد بات العدو المصطنع «الإرهاب الدولي» يشكل مصدر تهديد حقيقي لمكانة الولايات المتحدة ونفوذها العالمي، الأمر الذي دفع واشنطن إلى اتخاذ القرار بالعودة للعدو السابق، روسيا، واستغلت في ذلك الأزمة الأوكرانية لتصوير روسيا بالخطر والتهديد الأكبر على الساحة الدولية، على حد تصريح الرئيس أوباما ومن حوله من القادة العسكريين الأميركيين.

Email