هل نسيت القدس؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

بقدر ما تزعم وتروّج إيران أنها معنية باسترداد القدس الشريف ودحر المغتصب الصهيوني من أرض المسلمين في فلسطين، بقدر ما - عملياً – ترسم وتنفذ سياسات مؤداها طمر القضية الفلسطينية تحت تراب النسيان، في ظل انشغال العالم كله، والوطن العربي والإسلامي اليوم بتداعيات سياساتها التوسعية الخطرة.

لقد أفضت شهوات إيران الإمبريالية، المعبر عنها عملياً بالتهام العراق، والتمدد شرقاً نحو بلاد الشام من خلال ميليشيات متطرفة تثير المهددات الأمنية انتصاراً لأحلام طائفية ضيقة، إلى توفير الذرائع لـ«داعش» التي تزعم أنها نشأت لصد المد والمدد الإيراني الساعي لتمكين وهيمنة الطوائف التي تدين لها بالولاء المطلق، على حساب مصالح الشعوب العربية.

إذا كانت المنطقة العربية منشغلة حالياً بحربين إقليميتين متطاولتين في سوريا والعراق ضد (داعش) من جهة، وفي اليمن ضد جماعة الحوثي من جهة أخرى، فإن إيران هي المتهم الأول والوحيد في كلتا الحالتين بما يفرض هذا الانشغال عن فلسطين .

وفي الحقيقة فإن العالم كله بات الآن يركز تفكيره وجهوده السياسية وغير السياسية لحسم هاتين الحربين المستجدتين والمصطنعين بسياسات رعناء لا لزوم لها ولا طائل من ورائها، إلا إهدار الموارد التي لا يتجادل عاقلان في أن الشعب الإيراني أولى بها من التبذير الذي يذكرنا بطموحات معمر القذافي السرابية، ومساعيه تلك، لفرض أفكار (الجماهيرية الاشتراكية الشعبية) في كل مكان من العالم.

فلسطين خسرت الكثير حتى الآن، ولا تزال تخسر صمود حزب الله الذي اتضح انه معني بأجندة إيران وخططها الطائفية أكثر من ثباته على مقارعة الكيان الصهيوني كمسؤولية أخلاقية ووطنية مركزية، بدليل أنه انصرف كلياً الآن لنصرة نظام الأسد الموالي لإيران، بدوافع طائفية.

كم من الأموال تنفق للتخلص من الحوثية المفروضة والمتربصة بالأراضي المقدسة في الحجاز والمتحرشة بجنوب الجزيرة العربية أمنياً واستراتيجيا، ولإنهاء فظاعات «داعش» التي تبرر وجودها بصد الطغيان الطائفي الزاحف والملتهم لكل ما أمامه من مجتمعات سنية؟ ومن يتحمل وزر ذلك سوى من كان السبب؟.

أما آن الأوان لتثوب طهران إلى رشدها، وتكف عن طموحاتها التوسعية ( جغرافياً وطائفياً) داخل المحيط العربي ؟، بما يكفل لها ولغيرها السلام والنماء والإخاء، فينصرف الجميع بقوتهم ورباط خيلهم إلى سوح المعترك الحقيقي على أرض فلسطين الطاهرة لاسترداد الحقوق السليبة؟.

Email