شجعان الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد ينتابني الخجل عند الحديث عن الإنسانية في اليوم العالمي لهذا الحراك، والذي يوافق 19 من أغسطس من كل عام، حسب ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، الحديث عن الإنسانية في زمن يقتل فيه الإنسان غيره، وصار صراع الإنسان ضد الإنسان الأشد بغياً وخطراً، فهدد الطبيعة ودمر الأرض التي استخلفه الله فيها، ونسي هذا الإنسان أن الإنسانية جزء من كيانه البشري وإلا لما اشتق اسمه منها.

حين يتجرد الإنسان من أسمى السمات التي تميزه عن غيره من مخلوقات المعمورة، فهل سيبقى إنساناً حقا؟ يقول فولتيير: إن التعذيب يهدر الكرامة الإنسانية، ليس فقط كرامة المتهم بل أيضاً كرامة الحاكم، لأن هذا الأخير بتعذيبه إنساناً مثله يكون فاقداً معنى الإنسانية بكاملها.

اليوم العالمي للعمل الإنساني، حدث سنوي لاستذكار كل ما يقوم به الإنسانيون في سبيل الحفاظ على حق الإنسان في العيش بكرامة، وحمايته وإغاثة الملهوف ومعاونة المحتاج وترسيخ كل قيم الخير والتسامح والتعايش، وتكريماً لهؤلاء الذين راحوا ضحايا في سبيل درء الأخطار عن الناس، ولغيرهم ممن يواجهون ويجازفون لأجل حياة غيرهم.. فقد لا يسع الاحتفاء بهم ولا يكفيهم يوم واحد كاحتفالية سنوية بهم وبجهودهم، لأن هؤلاء الشجعان يملكون الشجاعة وهي أهم الصفات التي تضمن باقي الصفات الإنسانية.

«الأصل في الإنسان هو الخير» قرأت تلك العبارة، تأملتها، ناقشتها، حللتها، كيف يكون ذلك إذا ما كان الإنسان هو مصدر العبث، ما الذي جعله يحول عن حقيقته الخيرة ليلبس العباءة الإبليسية، ألهذا الطغيان علاقة بالإنسانية في نظره، أجزم بأن الإنسانية كانت لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الناس استخدموا عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدلاً من أن يشتغلوا بإصلاح حماقات ارتكبوها.

فما يحدث هذه الأيام في أوطاننا التي لو نطقت لقامت بهجاء الإنسان، هو ما دفعني لأن أبدأ مقالي معلنة الخجل من الحديث عن الإنسانية، فكم نصبو ليعيش كل إنسان على هذه الأرض حقه في العيش بكرامة.

Email