الإمارات والبرتغال

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان للبرتغال وجود حضاري واقتصادي ظاهر على أرض الإمارات، امتد قرونا، حيث كان أول من وصل إلى الهند من أوروبا الرحالة فاسكو دي غاما، ومن ثم بدأ البرتغاليون الدخول إلى منطقة المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي فأداروا الموانئ الواقعة على الخليج والمنطقة في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي ومن بينهما موانئ الإمارات.

وكان لقدوم البرتغاليين تأثير كبير على تاريخ الإمارات؛ حيث فتحوا المجال أمام اتصال المنطقة بأوروبا وبقية العالم المعاصر، قبل ظهور الاستعمار البريطاني، وذلك في مسعى من جانبهم لتعزيز التجارة مع آسيا القصوى. لكن الأهم من ذلك، أوردت كتب التاريخ أن الرحالة البرتغالي الشهير فاسكو دي غاما استعان بالملاح الإماراتي المعروف، ابن جلفار العظيم، التي هي رأس الخيمة اليوم: أحمد بن ماجد، قبطانا قائداً لسفنه الاستكشافية خلال توجه الحملة البرتغالية من مالندي على ساحل أفريقيا الشرقية إلى كاليكوت في الهند سنة 1498م لذا فإن ابن ماجد كان أحرى بلقب مكتشف طريق الهند من غيره، ومهما يكن فإن أضعف الإيمان يقضي بإقرار وجود علائق حضارية حقيقية بين أهل الإمارات والبرتغال.

نذكر ذلك لمناسبة زيارة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الى البرتغال التي جرت في الفترة القليلة الماضية، حيث تضيء الزيارة تلك الجوانب الايجابية في تلاحم وتضافر خيوط الحضارة الانسانية، وتنفض الغبار عن الجسور العتيقة الممتدة بين الإمارات والبرتغال منذ أن كانت الأخيرة يوما في أوج مكانتها الدولية وثقلها الاقتصادي والاستكشافي الجغرافي.

بما يعني انه في مقابل مسعى كريستوفر كولمبس الذي كلل بالنجاح عام 1492م باكتشاف القارتين الأميركيتين لصالح اسبانيا، فقد كان للإماراتي قصب السبق في اكتشاف البرتغال والعالم الغربي المتنافس حينئذ على الاستكشافات الجغرافية تمهيدا للفترة الكولونيالية لدنيا الهند والسند وما وراءهما.

أحمد بن ماجد هو الذي أهدى البرتغال هذا المجد العلمي، ليس بوصفه دليلاً فقط، وإنما هو الذي علم دي غاما استخدام آلة (الحقة) التي هي بوصلة عربية تعرف عليها البحار البرتغالي للمرة الأولى في حياته.

لذلك نقول إن ما بين الإمارات والبرتغال ما هو أبعد من مجرد الاستعمار بكل شجونه، فبينهما حضارة وتبادل معارف وشراكة علمية عمرها قرون، وقد سبقت كثيرا من الأمم، شرقا وغربا.

Email