روسيا على حق

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ اندلاع أزمة النووي الإيراني منذ أكثر من عشر سنوات وتهديدات الحرب مستمرة، بل أحياناً كانت تتصاعد بدرجة خطيرة توحي بأن الحرب على وشك الاندلاع، وكانت حاملات الطائرات الأميركية تتحرك في مياه الخليج العربي والعالم يكتم أنفاسه في انتظار هجوم إسرائيل على مواقع النووي الإيراني في أي لحظة، في نفس الوقت كانت روسيا متمسكة بمبدأ واحد لا تحيد عنه، وهو الحوار والحل الدبلوماسي، وكان البعض يتصور أن ما تطالب به موسكو مستحيل، حيث العداء مستشرٍ ومشتعل بين الأطراف، والتصريحات من الجانبين ممتلئة بروح الكراهية والتعصب وشيطنة كل طرف للآخر.

ولم تيأس موسكو واستمرت في سعيها، وكانت تواجه صعوبات جمة من كلا الطرفين، ورغم الخلافات الحادة بين موسكو وواشنطن بسبب الأزمة في أوكرانيا، والتي تزامنت مع بدايات الحوار بين واشنطن وطهران، ورغم التصريحات العدائية من كبار القادة في واشنطن، بما فيهم الرئيس أوباما، والتي تعتبر روسيا أكبر أعداء الولايات المتحدة، رغم هذا لم تتوقف تحركات موسكو الدبلوماسية وجهودها الكبيرة من أجل إنجاح المفاوضات، وهو ما اعترف به الجميع، واعترف به الرئيس أوباما نفسه في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز حيث قال: «لم يكن ممكناً التوصل إلى هذا الاتفاق لو لم ترغب روسيا في العمل معنا»، وخرج بيان البيت الأبيض يقول إن «الرئيس أوباما شكر الرئيس بوتين على دور روسيا المهم في تحقيق ما توّج مفاوضات مكثفة استمرت نحو 20 شهراً».

البعض يعتقد أن روسيا مثل غيرها تعمل فقط من أجل مصالحها الخاصة، والصحيح في هذا القول أن سياسة روسيا الخارجية الملتزمة بمبادئ القانون الدولي تجعل مصالح روسيا الخاصة مرتبطة بالمصالح العامة للمجتمع الدولي ككل، وفي هذا تختلف روسيا عن غيرها، ولهذا نرى روسيا ترفض دائماً أي شكل من أشكال التدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى، وهو ما فعلته في ليبيا وسوريا والعراق، وما تفعله الآن في أوكرانيا، والجميع يعلمون أن روسيا دائماً على حق، ولكن للأسف، هناك من لا يريد هذا الحق.

Email