طبيب نفسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحمل الكثير من أشخاص مجتمعنا ثقافة ضحلة حول زيارة الطبيب النفسي، ويرى هؤلاء عيباً في هذه الزيارة، تلك النظرة هي تحصيل لقلة الوعي بأهمية وحاجة كل شخص منا إلى زيارة العيادة النفسية، في ظل ما نشهده من تغيرات اجتماعية واقتصادية أدت بنا إلى ضغوطات عمل وتوتر وقلق ومنغصات وقلة توازن، لاسيما وأن الإنسان في سباق مع عجلة الأيام السريعة، كما لا يخفى بأن الفرد منا يعد ابن بيئته التي تلعب دوراً فعالاً في تكويناته الشخصية والفكرية، فقلما يرتاد الناس العيادة النفسية خشية أن يتم وصفهم بالجنون أو التخبط أو ما شابه تلك الأوصاف، متناسين أن النفس كالعضو الجسدي قد تصاب بالإرهاق والتعب والضرر، فتستدعي زيارة الطبيب للوقوف على صحتها.

للأسف مازالت مجتمعاتنا الشرقية على اختلاف تقدمها تخشى الحديث عن الحاجة إلى زيارة الدكتور النفسي، بينما في الغرب تعد زيارة العيادة النفسية موعداً دورياً وأمراً لا حرج فيه، بعيداً عن كونهم مجتمعات ترتفع فيها نسبة الجرائم والاغتصاب والإدمان والاكتئاب بمعدل يفوق المجتمعات العربية، ولكن تبقى الحاجة إلى زيارة الطبيب النفسي أمراً لا بد منه في حال وجود عوارض أو حالات قد تستدعي ذلك بدلاً من كتمانها تحرجاً وخوفاً من نظرة المجتمع، وهناك من يستصعب أن يواجه طبيباً نفسياً يتجرد أمامه من كل التشنجات ليعري حياته وما واجهه من خيبات وسقطات.

غير أن هذا أفضل من الكتمان الذي يقود إلى تراكم وتفاقم تلك الضغوط التي بدورها تصنع عقدة في شخصك لتصبح أسيراً لحالة كان علاجها في بادئ الأمر أيسر.

مازلت أتذكر عبارة سمعتها ونصها «كلما تطورنا على الصعيد الاجتماعي زاد تعقدنا»، استوقفتني تلك العبارة ليخبرنا رجل في عقده السادس، بأن حياتهم في الماضي ببساطتها لم تُتعب أنفسهم، ولم يشك أحد منهم من ضغوطات أو اكتئاب، على الرغم من شظف العيش، لأقف وكلي إيمان بأن علينا تحقق طفرة ثقافية تجاه الكثير من المعتقدات الخاطئة، كما حققناها على الصعيد الاقتصادي وأن نتقبل ثقافة زيارة الطبيب النفسي كشأن زيارة طبيب العظام أو الأسنان أو التجميل، بدلاً من التخفي تحت عباءة العيب وأقاويل السفهاء ممن طغت النمطية على عقولهم.

Email